بقلم غالب قنديل

خلفيات التزام نتنياهو باتفاق الترسيم

  

غالب قنديل  

خلف صخب التهديد وضجيج العنتريات تتوارى “عقلانية” يفرضها توازن القوى وحسابات كلفة المغامرة بتحدّي المقاومة وقوتها الهادرة. وما خفي سيكون أعظم في سحر المفاجآت المتقن. فما يظهر على قناع العقلانية الطارئة ليس غير رذاذ الردع القاهر الذي يلزم قوة متغطرسة بلف التهديد والتهويل، ولعق ما صدر عنها.

يجري ذلك كلّه لأن الصهاينة يعرفون الكثير عن قوة، يرقبون تعاظمها ليل نهار، ويعرفون أن جيشا من الخبراء والمهندسين يعمل على تطويرها ومضاعفة إمكاناتها وقدراتها، وتعظيم فعلها ووهجها وتأثيرها في التوازنات الإقليمية المتحركة والمتحولة.

ابتلع العدو وازدرد أطنانا من ورق البيانات المشحونة تهويلا وتهديدا، بعدما أجرت غرف القيادة والتخطيط جميع حسابات الواقع وتوازناته وكلفة المخاطر التي ترتّبها المغامرة إن تزحلقت اليها الدولة العبرية بغرور القوة وبعمى العنجهية الصهيونية.

توارت الزوبعة الكلامية وتبدّدت بسرعة. وبات الذئب الكاسر يخفي أنيابه المخلخلة تحت قناع الدبلوماسية والاتفاقات التي يؤكد الحرص عليها، وهو يداري مرعوبا خشيته الكامنة من قوة الردع الساحقة التي يرتعب من احتمال اختبارها والاحتكاك بها.

لم يعرف الكيان الصهيوني يوما غير لغة القوة المتغطرسة عدوانا وتهديدا، وقد تبدّلت الأحوال عندما تشكّلت قوة تواجه العربدة الصهيونية، وتتصدّى لها بوعي واقتدار، كما تجترح أسباب القوة والقدرة بكلّ الوسائل في سباق التوازن وتعظيم القدرات.

عبرة التجربة تؤكد أن الكيان الصهيوني  لم يلتزم جانب الهدوء إلا تحت سيوف الردع، ملزما بإكراه القوة، وتحت وطأة حسابات كلفة المغامرة المرهقة، وحيث تبرهن المعطيات الظاهرة والمحسوسة على الكلفة الباهظة التي سيتحمّلها العدو.

النبرة الصهيونية انكسرت، وتوازيا مع انكفاء الغطرسة بات العدو مكرها على مراعاة التوازنات والمعادلات، وذاك سرّ احتمائه باتفاق الترسيم، لتلافي كلفة الاندحار المحتوم إن وقع الاشتباك والصدام مع قوة أتقنت صنع المفاجآت وتوقيت استخدامها لإرباك العدو وضعضعة قواه.

نتنياهو الصهيوني المتطرّف المتغطرس يتوسّل التظاهر بالعقلانية أمام حسابات القوة وتوازناتها. والتمسّك باتفاق الترسيم ناتج عن سيوف الردع التي تشهرها المقاومة دفاعا عن كلّ حقّ لبناني في وجه الكيان الصهيوني المتغطرس الذي لا يعرف غير لغة القوة. فتَحْت قبضات المقاومين تهتزّ سيوف الردع، وبها تنقلب المعادلات وينكتب الزمن الجديد، الذي زالت معه وتوارت أزمنة وعهود، كان فيها الصهاينة يعربدون في طول المنطقة وعرضها، وهم اليوم مرتعبون يتوسّلون الزوايا خوفا من قوة الردع وإمكاناتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى