بقلم غالب قنديل

روسيا وإيران شراكة نامية تخيف الغرب الاستعماري

 

غالب قنديل

تؤكد الوقائع والمعلومات المتواترة رسوخ وتقدم التطور المحقّق في مدى ومسار الشراكات الروسية الإيرانية تقنيا وعسكريا وتبرهن على أنه قطع أشواطا متقدمة باتت مثار قلق واضطراب في مواقع التخطيط والقيادة الغربية ولا سيما الأميركية الأطلسية.

 

بين روسيا وأيران شراكة عسكرية وأمنية شهدت تجارب واختبارات وتأسيس ورش إنتاج مشترك واختبارات ناجحة لأسلحة حديثة ومتطورة، وقد ذكرت التقارير الإعلامية، التي تداولتها الوكالات والمصادر العالمية، أن المعطيات المتوافرة برهنت على تطور مشاريع الانتاج المشترك للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية قصيرة المدى.

 

ثمّة في هذه الشراكة فصول محاطة بالكتمان وبستار من السرية المضروبة على المعلومات والمعطيات العسكرية والأمنية، التي بالكاد يفرج عن القليل منها. والأكيد أننا لن نعرف شيئا عن التفاصيل قبل خروج الحواصل الى العلن وحيز الحضور الميداني الاستراتيجي والتكتيكي حين الاقتضاء في مناورات مقررة ومضبوطة على ساعة توقيت الجانبين الإيراني والروسي مجتمعين أو منفردين على السواء.

 

التكامل والتفاعل الروسي الإيراني يَعِد بالكثير من المنجزات والمخرجات التقنية والاستراتيجية التي تغير جوهريا في توازن القوى ومعادلات الصراع العالمي الجاري بين الشرق والغرب، ويفترض ارتقاب الكثير من النتائج والمخرجات، التي تبدّل نوعيا في مسار العلاقات الدولية وآفاقها.

 

ما يفاقم المخاوف الغربية هو تقدم وتشعب الشراكات الاقتصادية والتجارية بين روسيا وايران وهي شركات جسدت بذرة الكتلة التي تمثل نواة قطبية جديدة على الصعيد العالمي بالنظر الى حجم الشراكات التي تعقدها كل من ايران وروسيا تجاريا واقتصاديا في العالم الثالث وحيث يتخطى هذا التكتل النامي نطاق التوافقات السياسية والأمنية والشراكات الاقتصادية والتجارية والمالية النامية في ظروف استقطاب متزايد.

 

إيران وروسيا تحققان بالشراكة مزيدا من عوامل المناعة والقوة الذاتية بالمفرد والجمع، والأرقام تبرهن على أهمية التكتّل الاقتصادي والتجاري والتقني الهائل الناجم عن هذه الشراكة، التي تحرّك مخاوف غربية من درجة فاعلية قطبيها المنخرطين في العديد من الشراكات والتحالفات على صعيد العالم الثالث بحيث يمكن اعتلام شبكة من الدول الشريكة اقتصاديا وعسكريا وماليا وسياسيا لكل من روسيا وإيران، وهي على الأغلب دول مستقلة متحرّرة من الهيمنة الاستعمارية الغربية، تشق طريقها الى التنمية والتطور.

 

إننا نشهد والحال عالما جديدا يتبلور على أنقاض الهيمنة الأميركية الغربية المطلقة والمبرمة التي رانت لعقود على العالم الثالث وحالت دون تقدمه وسدّت سبل تطوره العلمي والتقني، لتحكم قبضتها على الموارد والأسواق والإرادة السياسية استتباعا وإلحاقا بقوة السيطرة المالية والاقتصادية وباحتكار التكنولوجيا وحيث يتيح التكامل الروسي الإيراني آفاقا رحبة لتقدم وتطور العديد من دول العالم الثالث، ولا سيما تلك التي تملك الإرادة الاستقلالية الحرة والسلطة السيادية الطامحة الى الإسهام في فرض توازن عالمي جديد على أنقاض الهيمنة الأحادية الأميركية الغربية وأخطبوطها اللصوصي النهّاب للموارد والأسواق.

 

إن شرقنا العربي هو أول المستفيدين من هذه الوثبة، التي تتصدّرها الشقيقة إيران والصديقة روسيا ومحور المقاومة سيكون أهم مواضع احتواء العائد والمردود النوعي لهذا التحول الاستراتيجي.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى