بقلم غالب قنديل

الاستهداف الصهيوني لمطار بيروت

  

غالب قنديل  

يظن البعض أو يتوهمون أن وراء الإشارات والإيماءات الصهيونية عن مطار بيروت الدولي معلومات،  منها ما قد يتّصل بمنقولات طارئة محمولة أو مرسلة الى المقاومة عبر المطار، تنطوي على تهديد أمني ومخاطر تمسّ الدولة العبرية ومرافقها.

مطار بيروت هو مرفق لبناني وطني، وعقدة إقليمية دولية بارزة ومهمة، لا تنفصل عن سمات القوة الاقتصادية اللبنانية منذ عقود، والكيان الصهيوني يستهدفه بهذه الصفة، ولا حاجة لمناقشة الذرائع أو الغوص في التبريرات لمجادلة المنطق الصهيوني في شأن سياديّ لبنانيّ وطني لا علاقة للعدو به. كما لا شأن لأيّ جهة خارجية في تحديد وجهة نشاط أيّ مرفق وطنيّ سيادي أو التدخّل بمسار إدارته واتجاهها، ولا سيما إن كانت تلك الجهة صهيونية.

نستهلّ التعليق على الحدث بأنها ليست أول مرة يُستهدف فيها المطار. ولا يمكن أن ننسى بدء مسار العدوان عليه ووضعه تحت المرقاب الصهيوني منذ السبعينيات، وقبل انتصار الثورة الإيرانية وقيام الجمهورية ونشوء حزب الله. فالأصل أن الكيان الصهيوني يريد ضرب شريان حيوي وعقدة اتصال وهبت لبنان مكانة ودورا حاسما في اقتصاديات المنطقة.

عندما دمّرت الصواريخ الصهيونية من الجو أسطول طيرن الشرق الأوسط على أرض مطار بيروت عام 1968 لم يكن حزب الله موجودا، ولا كانت للحدث صلة بأيّ نشاط فدائي يستهدف الدولة العبرية من لبنان ومن مطار بيروت الدولي، بل كان المطلوب، بالتزامن مع أزمة تفليس شركة إنترا، استكمال تدمير مكامن القوة الاقتصادية اللبنانية.

الكيان الصهيوني على دراية ومعرفة تامة ووثيقة بحقيقة ما يمثّله المطار من شريان حيوي اقتصادي وإنساني، يمسّ حياة اللبنانيين بدون استثناء. وأيّ متابع لليوميات اللبنانية يمكن أن يلاحظ ويدرك أهمية هذا الشريان في الربط بين لبنان الاغتراب والانتشار العالمي ولبنان المقيم، من الزاوية الإنسانية البحتة، بعيدا عن المضامين المالية والاقتصادية للتواصل، وعن طبيعة المنقولات المرسلة جوا الى الوطن من مواقع الانتشار اللبناني إقليميا وعالميا.

فكيف إن عرفنا أن معظم إرساليات المال ونجدات الاغتراب والانتشار ترد عبر المطار بكل الوسائل والأدوات والتقنيات المتاحة والمعتمدة. ونضيف عطفا على السجال مع المنطق المعادي أن الحقّ السياديّ اللبناني في استخدام الموانئ الجوية والبحرية والمعابر البرية الحدودية، هو حقّ مطلق، لا يمكن القبول بطرحه للنقاش أو المساومة مع أيّ جهة أجنبية، وبالذات مع أيّ جهة معادية.

مطار بيروت الدولي من ملامح القوة والتميّز اللبناني موقعا ودورا. وبمفارقة ظاهرة عن درجة الاهتمام الرسميّ بتطوير إنشاءاته وتجهيزاته، رغم أن ذلك بذاته استثمار جزيل المردود والعائد، وليس مجرد إنفاق إداري. ومن بوادر التقصير والقصور أن يُنحّى عن لوائح الأولويات المهمة والاستثنائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى