بقلم غالب قنديل

إعلان فوز كرامي: صدقية الدستوري  

غالب قنديل

 

قرار المجلس الدستوري في بتّ الطعون بعد أشهر من إعلان نتائج الانتخابات النيابية يكرّس قاعدة حاسمة في النظام البرلماني ويعزّز مصداقية المؤسسات الدستورية والسياسية في نظر المواطن اللبناني، وهو إضافة لما تقدم، أنجز تصحيحا سياسيا موجبا على الخارطة التمثيلية الشمالية والطرابلسية والوطنية بتكريس فوز النائب فيصل كرامي بعد خمسة أشهر من اعتباره خاسرا في الانتخابات النيابية الأخيرة.

لا نخفي من الوجهة السياسية تعاطفنا مع الصديق والأخ العزيز النائب كرامي، وهو ركن من حلف المقاومة والخيار الوطني والقومي في لبنان. وتستحق التحية والتنويه جهود الفريق القانوني الطاعن، ومعه للجسم القضائي والإداري، الذي أعاد تدقيق النتائج وفق القانون وإنفاذا للحقّ، مكرّسا مصداقية مؤسسة المجلس الدستوري ودورها المرجعي، آملين التوصّل الى اعتماد آليات للتصويت والفرز أكثر حداثة وتطورا تضيق من هوامش الخلل والخطأ في الاحتساب والفرز.

 

تتسابق الديمقراطيات المعاصرة الى اعتماد التقنيات والآليات التطبيقية والعملية، التي تتيح حفظ حقّ المواطن المقترع، وتكريس خياره الانتخابي ونأمل أن توظّف جهود وافية لتهيئة آليات متطورة في الانتخابات المقبلة، حيث لا يعقل أن تبقى أدواتنا العملية في الاستحقاق النيابي، هي نفسها الوسائل البدائية اليدوية، كما كانت عليه منذ عقود. مع تأكيدنا المشدّد لقيمة ومصداقية آلية الطعن والمراجعة، التي نشهد لها ولفاعليتها بما يتخطّى لحظة انفعال إيجابي في الحدث الراهن بدافع سياسي ووطني.

 

إن دراسة وتقييم آليات الانتظام العام وعمل الإدارات العامة المعنية والتنفيذية يجب أن يكون عملا جاريا ومنتظما في أي نظام حي، يحرص على مواكبة العصر والتقدّم وتحصين المصداقية السياسية والمعنوية للدولة والمؤسسات.

 

كان تغييب كرامي عن المجلس إخلالا تمثيليا طرابلسيا وشماليا، كما كان خللا وطنيا غير عادي، وقرار الدستوري هو ردّ اعتبار في البعدين الوطني والطرابلسي لزعامة تاريخية راسخة، تتخطّى الميراث التراكمي الكبير والنوعي للراحلين الرئيسين عمر والشهيد الرشيد، وقد عرفهما اللبنانيون رجلي دولة بارزين. والوزير فيصل كرامي بمسيرته يمثّل تواصلا لذلك النهج الوطني العروبي الملتصق بالناس، والذي يتّسم بالتوازن والرصانة وباللباقة السياسية والأخلاقية، التي تحظى باحترام اللبنانيين.

 

الرابح هو التوازن السياسي والخيار الوطني العروبي في لبنان والشمال خصوصا، وكذلك منطق المؤسسات الدستورية والقانونية في البلد، رغم كل المشكو منه من ثغرات وهنات، يتداولها الكثيرون، وهي مدعاة عزيمة أشدّ في مبادرات التطوير والإصلاح المتواصل للقواعد القانونية والأدوات التنفيذية والإدارية لتغدو أكثر حداثة وتطورا.

 

لا يعقل أن يستمر الفرز والجمع والعدّ اليدوي لأصوات الناخبين في زمن التكنولوجيا الحديثة والتصويت الإلكتروني، الذي بات معتمدا في معظم دول العالم ذات النظم الانتخابية، ولا يجوز أن يكون بلد الإشعاع والنور والأبجدية متخلّفا في آليات عمل نظامه الانتخابي وتقنيات فرز الأصوات وإعلان النتائج بالسرعة القصوى، وإتاحة المراجعة وتطوير آليات البتّ بها على القواعد القانونية والقضائية السارية، التي أثبتت مصداقيتها بما لا يقبل الشكّ أو الجدل.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى