بقلم غالب قنديل

النفط والغاز وخطر البلادة والهمالة 

 

 

غالب قنديل

مذهلة هي المعلومات المتداولة عن النفط والغاز في باطن الأرض اللبنانية والمياه الإقليمية، كما هي مذهلة بلادة القادة اللبنانيين في التعامل مع ملف تهدّده الهمالة والارتباطات واللهاث خلف العمولات، في بلد أدمن حاكموه وساسته موبقات كثيرة، وباتوا يغلقون الأبواب ويسدّون السبل أمام فرص الإنعاش الحقيقي في لحظة اختناق خطيرة.

بارقة النفط والغاز التي تغري الكثيرين بالفرص المتاحة “شفطا ولهطا ولحسا للأصابع ” تكاد تضيع وتهدر بفعل الهمالة والبلادة، حتى يكاد المتابع الحصيف ينفجر غيظا، وهو يطالع التقارير المتداولة عالميا عن حجم الثروة النفطية والغازية الكامنة في البرّ والبحر اللبناني وفرص استخراجها واستثمارها القياسية زمنيا.

 

المعلومات المتداولة والمنشورة مصدرها شركات النفط العالمية والغربية بالذات، وهي تتابع مسوحا جيولوجية وخرائط دقيقة، وتدرس فرص التنقيب والاستثمار في كلّ رقعة من العالم. وعندما تصبح المعلومات والوقائع رائجة في تصريحات قادة شركات النفط العالمية ومهندسيها وخبرائها، يصبح السؤال مشروعا، وكذلك الارتياب إزاء بلادة وجمود بل قصور التعامل الرسمي اللبناني مع الملف.

 

لا نملك افتراضا، غير أن طبخات العمولات ولحس الأصابع لم تنضج في اتصالات الوسطاء والسماسرة، وإلا لشهدنا ازدحاما في الاقتراحات والمشاريع والاتصالات المتعلقة بالاستخراج والاستثمارات ومشاريع التلزيم والتنقيب، ولكانت انتفخت حقائب الأحلام الموزّعة على اللبنانيين عن الكنوز الموجودة والعائدات الموعودة.

 

قرأنا خبرا منشورا ومتداولا في وسائل الإعلام، وبالتأكيد طالعه الكثيرون، يكشف معلومات مذهلة عن حجم ثروة النفط والغاز لدينا. فقد صرّح مساعد المدير العام لشركة “توتال” الفرنسية أن لدى لبنان 10 آبار نفطية وغاز تمّ كشفها وتحديدها، ولم يعد ينقص إلا الحفر الذي يأخذ شهرين، ويبدأ لبنان بإنتاج النفط والغاز خلال 4 أشهر. وقال “أنا استغرب لماذا لبنان أستخدم بلوكين فقط وأهمل 8 آبار ولم يبدأ بها، ولدى شركة توتال قدرة على إنتاج ملايين البراميل بسهولة من آبار لبنان”، ثم قال ” أنا حزين لأن لبنان عقد اتفاقا لمدة 8 سنوات كي يستخرج النفط، مع العلم أنه بعد سنة يمكن استخراج النفط من البرّ في لبنان والغاز من البحر والبرّ أيضا، وأن لبنان قادر على الحصول شهريا على 4 مليارات دولار إذا قام بحفر آبار النفط والغاز، وشركة “توتال” جاهزة، ولا نفهم لماذا الدولة ستستعمل قطعتين من أصل 8 مع العلم أن شركة “توتال” جاهزة لحفر 8 آبار غاز باقية خلال فترة 4 أشهر الى ستة أشهر، وتبيع الغاز المسيل، وتبني مرفأ اصطناعيا في البحر، إذا قرّرت الحكومة اللبنانية القبول به يمكن لـ “توتال” إعماره خلال 3 أشهر، ونحتاج الى هذا الوقت للحفر لمدة شهرين، وعندها بعد 6 أشهر يكون النفط والغاز قد تدفقوا الى الخروج من آبار النفط والغاز الى لبنان، ليدخل الى موازنة لبنان شهريا 4 مليارات دولار”.

 

من حقنا إثارة الموضوع بكلّ جدية، ومن واجب كلّ مسؤول ومعنيّ بالشأن العام أن يتقصّى المعلومات ويدقق الوقائع، خصوصا حين يكون المصدر شخصية معنية ومسؤولة في واحدة من أهمّ شركات النفط والغاز العالمية.

 

الإهمال بل الهمالة اللبنانية في التعامل مع الملف دليل آخر على درجة التعفّن والرتابة والرثاثة العقلية، التي تسود الواقع السياسي اللبناني، الذي توقّعنا في صفوفه لهفة على تعجيل ورش النفط والغاز، أملا في غزارة الشفط واللهط واللحس على حفافي موائد الشركات العالمية المهتمة، والتي تفتّش عن منافذ الثروات ومكامنها في البر والبحر على امتداد الكرة الأرضية.

 

الشركات العالمية مهتمة من موقعها الاستثماري الضخم، وبفعل دورها المفصليّ والنوعي في الاقتصاد العالمي، وحميّة الشركات تنصبّ على جني الأرباح وبناء الاستثمارات المجزية طويلة الآجال، لكن نادي “الكوميشن” اللبناني منشغل بلحس الأصابع، لكن تبقى الفرص والعائدات للبلد وللناس في مردودها، مهما كان حجم التناهش و”اللحوسة” بمدّ الأيدي والأصابع، التي نحلم بيوم بترها والتخلّص من عفنها، ويبقى الراهن التقاط الفرصة الثمينة والتحرّك العاجل للشروع في استثمار كامل ثروتنا في البرّ والبحر، وفق رؤية علمية منهجية. سبق أن دعونا لعقد مؤتمر للخبراء والمهندسين اللبنانيين في الوطن والمغتربات لرسمها وإشهارها ورفعها الى مجلسي النواب والوزراء.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى