بقلم غالب قنديل

الغارة الأميركية اعتداء على لبنان  

 

غالب قنديل

 

القرار الأميركي بخنق لبنان لا يحتاج الى برهان أو دليل، فجهارا وبكلّ وقاحة يتحرّك الأميركي استخباراتيا وسياسيا وعسكريا أيضا، لمنع كلّ ما يمكن أن يساعد اللبنانيين في تدبّر أسباب الحياة والعيش والتغلّب على الحصار المانع لكلّ ما يفيد أو يساعد اللبنانيين في ظروف أزمة ضاغطة وانهيار غير مسبوق، وحتى الهبات من الأشقاء والأصدقاء ممنوعة بالنيران الأميركية، وتلك هي رسالة الغارة الأميركية على قافلة الفيول الإيرانية، وما أوقعت من شهداء وخسائر.

 

هذا عدوان أميركي على لبنان واستهداف لإيران والعراق وسورية باعتبار الخارطة الجغرافية لحركة القافلة المستهدفة، وهي رسالة حظر سافر لأيّ تواصل، يمدّ أسباب الحياة بين بلدان المنطقة. فالقافلة المقصوفة تحمل هبة فيول، ولا تنقل سلاحا. وبالتالي لا يستطيع الأميركي الدجّال إسباغ الصفة الأمنية أو العسكرية على جريمته الحربية الفاجرة.

 

إنها غارة أميركية ضدّ هدف له صفة معلنة، هي إسعاف اللبنانيين في عيشهم، ومدّهم بالفيول لتوليد الكهرباء في ظروف ضيق وتأزّم يعيشها لبنان، وجاءت البادرة الإيرانية الأخوية بمنح تلك الهبة بمثابة إسعاف، أنعش الأمل بكسر ظروف الاختناق الشامل اقتصاديا وحياتيا عبر تشغيل معامل الطاقة الكهربائية لفترة معتبرة من ساعات النهار، وتكفيها لأشهر مقبلة.

 

ما يخشاه الأميركيون ويخافون منه أكبر وأبعد من هذه الهبة وأثرها المباشر، فهم يعتلمون بداية الاتجاه الى التشبيك الاقتصادي بين دول الإقليم، وإمكان انضمام لبنان الى منظومة شراكات اقتصادية عابرة للحدود مع سورية والعراق وإيران، وهذا اتجاه يسعى الأميركي لكسره ومنعه، وهو مع الصهاينة يخشون النتائج.

 

لقد اعتُبر لبنان تقليديا وتاريخيا بؤرة نفوذ ووكر استخبارات وتجسّس للغرب، وهو في حال ازدواج سياسي منذ نشوء المقاومة وتبلور حاضنتها الشعبية العابرة للطوائف والمناطق في المجتمع اللبناني، الذي بات في حال ازدواج، إذ تتعاظم داخله وتتوسّع الكتل الرافضة للبقاء في حظائر الخنوع والهيمنة، وهي عابرة للطوائف والمذاهب في النسيج المجتمعي اللبناني.

 

نتيجة ما بذلته وفرضته من تحولات في الصراع مع العدو، تتوسّع الحالة الشعبية العريضة المناصرة للمقاومة، واستطرادا لحالة الرفض والتمرّد على مستوى الإقليم، ولذلك تضاعف حجم الكتلة الشعبية، التي تتعاطف بداهة مع سائر القوى والمواقع والدول، التي تتبنّى خيارات استقلالية واضحة وحاسمة ضد الحلف الغربي الصهيوني المتغطرس.

 

رسالة الأميركيين للشعب اللبناني أن الكهرباء ممنوعة بالنار، وليس الأمر محصورا بكون الفيول المقصوف هبة إيرانية المصدر، بل إن كلّ ما يمكن أن ينتشل لبنان من الاختناق وخطوط الوصل مع الأشقاء مستهدف، أيا كان مسراه مع سورية والعراق وإيران وغيرها من الدول الشقيقة أو الصديقة خارج المظلة الأميركية والقبضة الأميركية الغربية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى