بقلم غالب قنديل

روسيا لن تخضع وستقاوم الغرب بضراوة

غالب قنديل

أخرق وجاهل من يتوهم خنوعا روسيا ورضوخا من موسكو للمشيئة الأميركية الغربية، التي تستهدف إخضاع موسكو من النافذة الأوكرانية، التي باتت متّسعا لتدخلات عسكرية واستخبارية وسياسية في قلب الفناء الروسي المحرّم تاريخيا على إمبراطوريات الغرب، التي اندلعت في عواصمها شهية حربية ظاهرة ونزعة عدوانية شرسة، تحفّزها الأصابع الأميركية الممتدة من خلف الدمية زيلينسكي، الذي يتلقى دفقا من إمكانات مالية وتسليحية ضخمة مسخر لاستنزاف روسيا العظمى من الخاصرة.

 

تختزن روسيا تاريخا وذاكرة حيّة من خبرة الإدارة طويلة المدى للحروب ومقاومة الغزوات العدوانية منذ الحرب العالمية الثانية، وهي تمتلك قدرات تعبوية هائلة وبنى اقتصادية ضخمة مؤهّلة للتأقلم مع شروط المواجهة وأقاليمها المستهدفة بمشاريع التمزيق الانقلابية، تضمّ من بين سكانها ملايين الروس الذين عبروا عن رفضهم الصريح لمسايرة مشاريع الانفصال عن موسكو ولذلك انحسرت الموجة المدارة من الخلف في مدى الجغرافية والسكان.

 

الحرب الدائرة بفصولها الجارية توقظ في الذاكرة الروسية صفحات المقاومة الخالدة ضدّ الاحتلال النازي، الذي كان للتضحيات والمقاومة الشعبية والنظامية السوفيتية الروسية دور حاسم في هزيمته العالمية الكبرى. وهذا الأمر ما يزال معلما نوعيا وعلامة فارقة بارزة في الشخصية الجمعية الروسية، رغم انهيار الاتحاد السوفيتي وأفول العهد الشيوعي.

 

ما تزال رموز الجيش الأحمر من التسمية الى الأوسمة والتقاليد العسكرية السارية مستمدة من العهود السوفياتية السابقة، وما تزال النجمة الخماسية الحمراء، هي الشعار والوسم المعتمد، ولم تَمسّ التقلبات والانقلابات، التي وقعت في زمن يلتسين بكلّ ذلك، بينما يبدي الروس بزعامة فلاديمير بوتين صلابة أشدّ وحماسة أعلى في تأكيد تلك الرموز والتمسك بها تعبيرا عن هوية تحرّرية متأصّلة، تتماهى مع يقظة ونهوض روح الانتماء القوميّ الروسي.

 

لروسيا العظمى تاريخ وخبرة وذاكرة مع الحروب الطويلة التي تُبدّد قوى العدوان، وتقضي على طاقتها وفرص اندفاعها في الجغرافية الروسية، بحيث تستحيل الى فلول مهزومة مبدَّدة القوة مستنزفة القدرات، مما يتيح للروس قلب الاتجاه وإغراق المعتدي في مستنقع الهزيمة والخسران. ويتباهى الروس بتاريخ مجيد يعترف به العالم ويعرفه جيدا.

 

مهما رمى الأميركيون وسائر دول الناتو من خلفهم بثقل إمكاناتهم لدعم الدمية زيلينسكي، ومهما فعلوا، سوف تكون الكلمة الأخيرة لروسيا، التي تعرف، بواقع خبرتها التاريخية، كيف تستنهض قوى محلية مناهضة للزمرة العميلة جديرة بردّ الاعتبار لرفقة السلاح وأخوة المصير بين شعوب الاتحاد السوفيتي السابق أو المجموعة المستقلة راهنا. وبصمة الناتو الظاهرة ستكون كافية لإيقاظ مشاعر التضامن الشعبي في تلك الأقاليم مع الجيش الأحمر. والرئيس بوتين الذي هو اليوم في الفناء الروسي، وعلى مستوى العالم بأسره، رمز لمقارعة التنمّر العدوانيّ الأميركيّ الغربي .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى