بقلم غالب قنديل

القلق الصهيوني الدائم من سورية

 

غالب قنديل 

تتواصل تعبيرات القلق الصهيوني على الجبهة السورية رغم استمرار الاحتلال الأميركي لمناطق سورية حساسة، ورغم الجهود الغربية المكثفة لاعتراض جهود الدولة الوطنية السورية للتعافي والنهوض، بعد ما أُلحق بها من خسائر ونكبات بنتيجة الاعتداءات والحروب العدوانية المباشرة وبواسطة جيوش المرتزقة والإرهابيين، الذين يشنّون حروب الوكالة بإدارة الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي، الذي يستهدف سورية ودورها المحوري في المنطقة العربية.

الكيان الصهيوني هو المركز والثقل في حركة التوجّس والارتعاب من مخاطر التعافي والنهوض السوري وارتداداته الاستراتيجية والتكتيكية. فسورية هي القوة العربية الرادعة، التي امتلكت على الدوام إرادة قومية صلبة، كما هي مركز إشعاع واستنهاض قومي لا يمكن وقف تفاعله الطبيعي في المحيط العربي. ولم يكن من الفراغ إطلاق اصطلاح قلب العروبة النابض على دمشق، والتسمية تاريخيا كانت عابرة للحقب لصيقة بدور سورية التحرّري الرّيادي المتقدم.

لأن سورية مثّلت على دوام الحقب مركزا قوميا تحرريا مقلقا لمعسكر الأعداء، ومنصّة إشعاع قومي تحرّري، ولم تستقم أحوال سورية لم تستقر من داخلها إلا بقيام سلطة سياسية واضحة في هويتها القومية والوطنية. ودوام الاستقرار السياسي كان قرين نهوض قيادة في مستوى الموقع والدور التاريخي لبلد هيّأته خصوصية الجغرافية والتاريخ ليكون مركز المشرق وقلب العروبة النابض على مرّ العصر الحديث.

يشهد المتابعون والمؤرخون والباحثون بأن سورية لم تستقر ولم تنتظم خارج نطاق ما وّسمت به قلبا نابضا للعروبة والتحرّرّ، ولم يدم في دمشق نظام ردّة رجعية، بل كانت الانقلابات الرجعية حين تقع طارئة عارضة حتى تستقيم الأحوال بتوازن يحفظ العروبة ونزعة التحرّر القومية في هوية الحكم السوري.

يعرف الصهاينة أكثر من أي جهة في العالم درجة اليقظة التحررية السورية ويعلمون أن الدولة الوطنية السورية تواظب على بناء قدراتها وتحفزها الدائم ويقظتها إزاء الكيان الصهيوني من موقع عروبي قومي مقاوم. ويدركون، بالمعلومات والوقائع الحية، ما تبذل سورية من جهود وإمكانات في دعم قوى المقاومة وقدراتها، وكيف أنها ترفض افتراض حدود مانعة أو حاجبة للتواصل ولتبادل الخبرات والأمكانات مع فصائل المقاومة، ولاسيما حزب الله.

لقد اعتلم الصهاينة بالتجربة الميدانية أثر التواصل والتفاعل الدائم والمستمر بين سورية والمقاومة، التي كانت لها مساهمات نوعية في صدّ الغزوة الإرهابية التكفيرية داخل سورية، من موقع إدراكها أن تلك الغزوة لم تكن سوى حرب أميركية صهيونية بالواسطة والوكالة، وهي قدمت الشهداء وبذلت التضحيات الغالية نتيجة إيمان حاسم بوحدة المعركة الوجودية بين أطراف محور المقاومة، الذي مثّلت سورية منه القلب والمركز. فما بين سورية والمقاومة شراكة دم ومصير ترتدّ بخير فيضها والنتائج على سورية ولبنان وفلسطين والعراق. وسورية الأسد هي قلب هذا الشرق الخافق وعقله الحرّ المقاوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى