بقلم غالب قنديل

المقاومة السياج والرافعة 

 

غالب قنديل  

يتواصل الإنكار القبيح لدور المقاومة في حماية البلد وإكسابه وزنا نوعيا على مدى الإقليم وتوازناته في ظلّ النظام المعيوب بالتبعية للغرب والخانع أمام التنمّر الصهيوني وأطماع الهيمنة والغطرسة بالوكالة عن الاستعمار الغربيّ وهيمنته اللصوصية.

في لبنان، مفارقة ازدواج سياسيّ وعسكري بين الدولة والمقاومة، أفضت الى تحصين البلد عمليا وسياسيا بحكمة قيادة المقاومة، التي نقلتنا الى حالة متقدّمة وطنيا، محصّنة شعبيا دون خضّات او ارتباكات وهزّات مكلفة. فتخطّت لبس الانفصام، بسبب فطنة قيادة المقاومة وحرصها الوطني المشهود وتواضعها، ولما قيّض وطنيا ودستوريا شبه إجماع أكثري عابر للمراحل والحقب السياسية خلال العقود الماضية.

تبدّلت عهود وحكومات، ولم تهتز علاقة الثقة والتلاحم بين الجيش والمقاومة، بل توطّدت وتعمّقت بصورة متواصلة، بحرص شديد، بات متأصّلا داخل المؤسسة العسكرية الوطنية، كما هو راسخ أخلاقيا وسياسيا في المقاومة وهياكلها القيادية والميدانية حزبا وجمهورا عريضا.

أينعت ثمار تلك الوحدة  مناعة وقوة للبلد. ومن نتائجها المباشرة فصول الترسيم البحري، التي ما كانت لتتمّ لولا دور المقاومة وقوتها الرادعة في منع الكيان الصهيوني من التطاول على حقوق لبنان، بل إنه لولا تلك القوة ووهجها لمَا امتثل قادة العدو لقاعدة الترسيم بالتفاوض غير المباشر وفقا للشروط اللبنانية.

يقينا، إن فتح هذا الملف لو تمّ قبل عهد المقاومة والردع لكان سيفتح الباب واسعا للأطماع الصهيونية، التي لا تعرف حدودا ولا قيودا، كما تبرهن التجارب. فقبل زمن الردع وقواعده القاهرة كانت السلبطة الصهيونية على حقوق لبنان مشرعة من جميع الاتجاهات. وحتى الساعة ما تزال جملة من حقوق لبنان السليبة برسم المعاينة والمعالجة، كما هي حال القرى السبع وغيرها على الحدود الجنوبية.

ينبغي أن نؤكّد على حيوية الدور النوعيّ للسلطات والمرجعيات اللبنانية الوطنية، ولاسيما الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي. فقد أتاح التماسك الوطنيّ والرئاسيّ سياسيا ودستوريا قيادة معركة ظافرة في التفاوض غير المباشر مع العدو الصهيوني وبلوغ النتائج المرجوّة، التي سيظهر عائدها وفيضها، ويرتدّ لاحقا بخير ونفع عام على جميع اللبنانيين.

لقد سيّج السلاح المقاوم الرادع لبنان بطوق حماية مانع للعدوان والاستباحة، وهو بات فائض قوة تفرض ذاتها، وتجلب العوائد من غير طلقة، بل على البارد، لأن العدو مضطّر لإجراء حسابات الاشتباك المكلف النذير بكوارث كبرى، إن هو تجاسر على تحدّي لبنان وامتهان سيادته وحقوقه الإقليمية.

تساءل خصوم المقاومة في وجه أنصارها عمّا جناه البلد من السلاح ومن قدرات المقاومة المتعاظمة. واليوم نقول بشاهد التجربة وحاصلها إن سنوات استقرار ممتدّة بلا حروب، وفرصة النفط والغاز وعائداتها المالية وفرص العمل المرتقبة في التنقيب والاستخراج والاستثمار، وكل ذلك الخير الفائض المرصود، هي ثمار قوة لبنان الناتجة عن هياكل منظّمة وفعلٍ حيّ لمقاومين يفنون أعمارهم في بناء قوة هادرة، هي السياج والرافعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى