بقلم غالب قنديل

بغضّ النظر عن التفاصيل الخطأ بحقّ سورية سقطة

 

غالب قنديل 

لا نعرف أيّ تفاصيل عن الهفوة اللبنانية السياسية والعملية التي أرجأت زيارة الوفد اللبناني الى دمشق، وأدّت الى ارتباك ظاهر في تعيين الموعد الرسمي المفترض لزيارة وفد لبناني الى العاصمة السورية لمناقشة الترسيم البحري.

سنحجم عن إطلاق الأحكام  بانتظار التوضيحات التي ستصدر عن دمشق وبيروت، ولكن ما نعرفه أن لبنان سار في ركاب الغرب على طريقة المقطورة العمياء، عندما ارتضى شبه القطيعة مع سورية، وبالكاد احتفظ بشكليات العلاقة الدبلوماسية والسياسية المحصورة والضيقة على الصعيد الرسمي، رغم التشابكات الواسعة بين البلدين على الصعد الشعبية والاجتماعية بأوسع المعاني، وهما تاريخيا أقرب الى مفهوم “شعب واحد في بلدين “.

التواصل الشعبي اللبناني السوري لم ينقطع أو يتأثّر بجميع موجات القطيعة والعداء، وسورية الرسمية لم تقصّر في مدّ خطوط الوصل، وتشهد السفارة السورية في لبنان منذ سنوات دفقا من فاعليات اجتماعية وسياسية ودينية، لم تنقطع عن زيارة سورية، ولا عن التواصل مع السفير السوري بديناميكيته وحيويته الاستثنائية مع طاقم معاون، لا يقلّ حمية وحماسة وكياسة عن السفير علي عبد الكريم في التعامل مع الأشقّاء اللبنانيين وطلباتهم ومراجعاتهم.

لا يستشعر اللبنانيّ العادي اهتماما رسميا وجدّية في ملفات العلاقة مع سورية، ولا يلحظ المتابع قيام الجهات اللبنانية المعنية بجهود فعلية خلال سنوات، حافظت فيها الجهات الرسمية اللبنانية على لغة بروتوكولية صنمية باردة مسايرة للموقف الأميركي والغربي. ولم يقم لبنان الرسميّ بأيّ بادرة عملية تذكر في دوائر العلاقة مع سورية، بل عوقب المبادرون وحوصروا بصورة مشينة ومخجلة تحت الطلب الأميركيّ الغربي.

تحرّك لبنان الرسميّ نحو سورية مؤخرا تحت عنوان الترسيم البحري، وبعد إنجاز الملف الموازي مع الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين بوساطة أميركية، فيا “عيب الشوم “! طبعا على المقلب السوريّ لا وسيط أميركيا ولا سواه، فالنقاش أخويّ مباشر بدون حواجز ولا عوائق، وهو يُدار بأريحية الرغبة السورية الدائمة في إقامة أفضل العلاقات مع لبنان، وتسهيل كلّ ما يساعد البلد الشقيق والجار الذي ابتلي بحكومات تساير الغرب، وتقف على خاطر القناصل الأميركيين والغربيين في الشاردة والواردة، لتسأل وتستفتي وتستأذن.

سنوات مرّت، حافظ خلالها لبنان على علاقات جافّة وباردة مع دمشق ضمن الحدود البروتوكولية الدنيا، ولم تصدر أيّ بادرة رسمية حول الموضوع، تناسب الصلات الشعبية والتاريخية بين البلدين. ولا نعتبر إبقاء السفارات نقطة تُحسب لأحد من المسؤولين اللبنانيين، فهي أضعف الإيمان. ومن الشين البائن أن تكون بعض العلاقات مع دول عربية وأجنبية قد تطورت، وبذلت جهود على سكّتها، مقابل إبقاء العلاقة مع سورية معلّقة بتلقائية الحركة الجارية بداهة بين البلدين دون أيّ جهد حكوميّ لبنانيّ منهجي. بل إن المطلوب والمقتضى الموضوعي، هو مناقشة لبنانية عاجلة لكيفية تطوير العلاقات مع سورية بروح الشراكة والأخوّة والجيرة، لتبنى عليها مبادرة ناضجة ومسؤولة لتطوير الشراكات الدائمة، وليس فحسب لمعالجة العناوين الطارئة.

يّفترض تحويل تلك الشراكة الى مؤسسة دائمة قابلة للتطور، بعدما تحول المجلس الأعلى المشترك الى كيان إداريّ وبروتوكوليّ محصور المهام عمليا، وأحيانا الى مكتب طوارئ في الأزمات بهمّة أمينه العام والفريق المعاون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى