بقلم غالب قنديل

المقاومة الجديدة ليست حالة ظرفية في فلسطين

  

غالب قنديل  

مخطئ  وواهم كل من ينظر الى العمليات الفدائية النوعية المتميزة التي شهدتها جنين والقدس وعموم أرجاء الضفة المحتلة على أنها ظاهرة معزولة أو قابلة للعزل والخنق، وذلك لأنها تعبير عن نهضة جيل جديد وفتي، يرث خبرات ومعارف من سبقوه في الميادين الى العمل الفدائي المقاوم، وهو يؤصّل معارفه الأحدث وخبراته المكتسبة في تجربته الغنية والمستجدّة.

إن الشكل المنظّم في مجموعات مقاتلة، والقدرة على اكتساب المهارات وجمع الأدوات الحربية وتنسيقها ومعرفة كيفية التعامل معها، عمليا وتقنيا، دلالة على فعل منظّم غير عفوي، وهو، بمضمون كفاحي تحرّري، يحتوي دلالة على امتلاك مشروع وطني، يجسّده فعل منظّم يتعدى نطاق ردود الفعل العفوية  الغاضبة لشباب ساخط بداهة على غاصبي الأرض والحق ومنتهكي الكرامات والحرمات.

إن تلاحق العمليات التي نفذتها مجموعات “عرين الأسود” في جنين والقدس أطلق موجا واسعا من الالتفاف الشبابي حول هذا العنوان الكفاحي الملهم، عبّر عنه انتشار واسع للشعارات والعبارات المؤيدة في سائر انحاء الصفة الغربية خلال تحركات شعبية غاضبة، شهدت حرق الإطارات وقطع الطرقات والاشتباك مع قوات الاحتلال.

هذا التلاقي الموضوعي الأصيل والعميق بين العمل المسلّح والنضال الشعبي، يعبّر عن حالة ثورية متجذّرة قابلة للتطوّر خلال الفترة القادمة، والانتقال الى أنماط أعمّ وأشمل من التمرّد والعصيان، وكذلك التنظيم، بصورة تجعل حياة الاحتلال والمستعمرات أشدّ صعوبة وأعلى كلفة، وهو ما يمكن أن يراكم المقدّمات التي تفرض انحسارا جديدا في رقعة الاحتلال بانكفاء صهيوني قسري عن الحواضر الفلسطينية الملتهبة.

إن مصير الاغتصاب الصهيوني، هو التفكّك والانحسار في ظلّ نهضة شعبية وفدائية، يستعصي كلّ جهد لإخمادها والالتفاف عليها بعد منسوب الوعي النوعي الذي راكمته أجيال فلسطينية متعاقبة، توارثت مهارات قتالية فردية وجماعية منذ النكبة، وخبرت معنى المساومة ومرارة التنازلات بعد صفقة أوسلو المشؤومة، وحصدت في السياق وعيا سياسيا وخبرات، وراكمت الكثير من دروس التجربة.

فلسطين قدرها المقاومة والثورة حتى تفكيك الاغتصاب الصهيوني وازالته، وهي ولادة تعد بالجديد مع تعاقب الأجيال ووعدها المتجدّد “أن تُنبت الثوار جيلا وراء جيل في اللدّ والرملة والخليل” وفي القدس كذلك، مع كل الاحترام والتقدير لتوفيق زياد شاعر الأرض المحتلة وكلماته الخالدة.

الغد لناظره قريب، ودم الشباب المقاتل سيُسقط كل خداع مريب، وفلسطين الولادة ستزهو بانتصارات مقبلة، تُطلِق على أرضها أعراس حرية، كما ستغلّ يد الصهاينة، وتشع من حولها في أرجاء الوطن العربي نهضة ثورية، ووعدا متجدّدا بعهود التحرّر والاستقلال، كما كانت على الدوام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى