بقلم غالب قنديل

المقاومة الجديدة ترعب الصهاينة  

 

غالب قنديل  

منذ أولى غزوات الاستيطان الصهيوني لفلسطين انطلق التخطيط الاستعماري الغربي للهيمنة على المنطقة وتحويل القاعدة الصهيونية الى قوة مسيطرة، وفقا لنظرية كلب الحراسة، وما لاحت نسمة تحرّر وانعتاق من الهيمنة اللصوصية الغربية في الوطن العربي إلا وتربّص بها الصهاينة.

أفرط الغزاة الغاصبون باحتفاليات الغزو والتسلّل بعد اتفاقيات عرفت بالتطبيع، وثبت بالتجربة الحية والموثقة، أن عقودا من التصميم الأميركي الغربي والإذعان العربي لم تجعل وجود الكيان الصهيوني في المنطقة أمرا طبيعيا في نظر الناس، ولم تشطب فلسطين الشعب والقضية من الذاكرة والوجدان الشعبي، ولا سيما ان موجات الرفض الشعبي الفلسطيني لم تتوقف، وقد عبرت عن نفسها بانتفاضات وبوادر مقاومة متعددة شعبية ومسلحة.

ظلّت فلسطين ولّادة نابضة برفض الاغتصاب، وهي تنبت الفدائيين جيلا وراء جيل، وتثبت للعالم أنها قضية حية مستمرة لن تنكسر رايتها مهما تكالبت قوى الاستعمار والرّدة والاستسلام، عربية كانت أم فلسطينية. وها نحن اليوم نعيش زمنا جديدا مع فتية الأرض، الذين يبدعون أساليبهم من خارج الأنساق القديمة، ويسطّرون صفحات جديدة على عهد التحرير والتخلص من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين.

هؤلاء الشباب يستكملون بكفاحهم مسارا تاريخيا متشعّبا من النضال الوطني والشعبي والمسلح في مسيرة عقود طويلة، تعاقبت منذ نكبة اغتصاب فلسطين وقيام الكيان الصهيوني، وفي كل حقبة، ومع كل مرحلة من تاريخ المنطقة، وفي سائر مسارات هذا الصراع الوجودي، نبت دوما جيل جديد، ونهضت موجة جديدة من المقاومة وتشكيلاتها وأنماطها، وتمادى تأصيل الخبرات وانتشار تعلّم وتداول التقنيات، التي باتت ثقافة شعبية، تتوارثها الأجيال، وخبرة تراكمية ممتدة على مدار العقود الماضية.

في هذا المسار تترسّخ القضية والهوية وأسئلة المصير في صفوف شباب فلسطيني طالع، يستزيد علما وثقافة ووعيا، وتتشكّل منه طلائع مقاومة جديدة بمشارب متنوعة عقائديا إسلامية وقومية ويسارية، وهي، أصلا وأساسا، وطنية تحرّرية راديكالية في رفضها للاحتلال الصهيوني ولمصنّفات التكيّف والإذعان، المبنية أصلا على الخضوع لفكرة استحالة زعزعة الكيان الغاصب وجبرية الخضوع.

الاختبارات والتجارب التي عاشها الفلسطينيون وكلّ المنطقة مع فرضيات التسوية ومسالمة الكيان الصهيوني، أثبتت عقمها. بينما اشتدّ التغوّل الاستعماري الصهيوني وتشعّب داخل الأرض المحتلة، ما أفضى لولادة ونمو مقاومة فتية، تظهر بوادرها وطلائعها في عمليات منفردة ومتعددة من خارج القوالب والأنماط التقليدية.

تبدو فاقدة للمصداقية محاولات الالتفاف والانتحال بزعم نسبة البطولات والمنجزات لأيٍّ من الأطر القائمة والمعروفة على الساحة السياسية الفلسطينية – قديمها وجديدها-  وكم نتمنى لو يكتفي الأخوة بالتنويه والإشادة بعيدا من محاولة خطف وهج البراعم الجديدة، المطلوب تركها تتفتّح وتفصح عن هويتها وكينونتها الفكرية والسياسية من غير قولبة أو تأطير أو تجيير. ويكفي أن تُقدّم لها المساندة بما تيسّر من الكلام المتواضع المسؤول، وما تيسّر من أدوات الكفاح السياسي أو العسكري، وإلا فالصمت أبلغ واجمل.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى