بقلم غالب قنديل

لبنان وسورية والعراق شراكة ممكنة في الطاقة الشمسية

غالب قنديل

الطاقة الشمسية هي العنوان المركزي الطاغي على اهتمام العديد من الدول في منطقتنا والعالم، وهي عالميا عنوان مورد للطاقة استُحضر الى الواجهة مع ظهور بوادر ونذر أزمات طاقة مستجدة، ومع شبهات استنفاذ بعض الموارد التقليدية وارتفاع كلفتها وأسعارها. وهذه الوتيرة تعلو وتُستحضر عالميا مؤخرا مع كلّ موجة من ارتفاع أسعار النفط أو اضطراب استخراجه ونقله نتيجة الأزمات والحروب.

من نعم المشرق أنه يستطيع الاعتماد على هذه الطاقة البديلة في بلاد تغمرها الشمس بقوة لفترات طويلة من السنة، ولعل شعورا لبنانيا خاصا بالحنين والفخر الوطني يغمرنا في معالجة موضوع كان العبقري اللبناني الجنوبي حسن كامل الصباح أول من أثاره علميا في العالم قبل عقود طويلة، وهو صاحب فكرة مزارع شمسية، ومحطات شحن البطاريات والاعتماد الموسّع على الطاقة الشمسية في المشرق العربي، الذي يصلح بحكم الجغرافية لاستثمار واسع ومستدام في الطاقة الشمسية بمردود مرتفع وبكفاءة عالية.

 

كما يمكن للطاقة الشمسية تغطية ما يعرفه اللبنانيون اليوم من فضائل ألواحهم المنصوبة على الأسطح لتعويض غياب الطاقة الكهربائية المتوارية بفعل الانهيار، الذي اجتاح الخدمات العامة كلّها. إن قيام مشروع وطني لاستثمار الطاقة الشمسية على النطاق المحلي يمكن أن يمثّل أحد خطوط التغلّب على الأزمات والمشاكل الضاغطة على التغذية الكهربائية التي تعتمد معامل توليدها على الفيول المستورد والمسدّد بالعملة الصعبة، إلا ما فاضت به مكارم شقيقة بمقايضات وهبات، لا يمكن الاعتماد على استدامتها في أيّ حال.

 

تربط بلدان المشرق لبنان وسورية والعراق علاقات جوار وأخوة وشراكات عريقة متنوعة المجالات اقتصاديا، ولم تهزّها كثيرا زلازل الحروب وعصف الخلافات، بفعل رسوخ التواصل الشعبيّ العابر للحدود وقوة الشراكات والتشابكات الاجتماعية والعائلية العريقة في جميع العهود والطروف. فميزة العلاقات الإنسانية والتجارية والمصلحية العابرة للحدود بين الدول المتجاورة أنها فوق السياسة والأزمات والحروب وخنادقها.

 

اقترح العبقري حسن كامل الصباح  بناء مزارع لاستثمار الطاقة الشمسية على نطاق واسع في البوادي العربية والسهول الشاسعة التي تغمرها الشمس لفترات طويلة، ومعامل لإنتاج البطاريات، ومحطات لشحنها تتيح استدامة استخدامها. وقد تطورت التقنيات التطبيقية بكثافة، وانتشرت في أكثر من مكان في العالم، وباتت متاحة بأكلاف منخفضة وبمواصفات جيدة تقنيا.

 

في سورية ولبنان والعراق نعمة دوام التغطية الشمسية، التي تتيح تحويل هذه الطاقة واستثمارها وتطوير الفروع المنبثقة والمتممة.  فإلى جانب المزارع الشمسية في البوادي والسهول الشاسعة، ستكون معامل إنتاج الألواح والبطاريات والمحولات بكثافة وكفاءة وكلفة منخفضة، وورش ومختبرات البحث العلمي والتطوير التقني للتطبيقات والاستعمالات المتعدّدة، وتحضير التصاميم والنماذج الجديدة ذات الكفاءة العالية والمردود الأفضل.                                                                                                          تَفاخر اللبنانيون طويلا بشمس بلادهم التي هي هبة الطبيعة، وينبغي اليوم الالتفات الى أنها الى مورد الطاقة الأحدث والأنظف والأقل كلفة، إذا رُسمت خطة وطنية مناسبة بأسلوب علميّ وبمنهجية وطنية.

 

نعتقد أن من مصلحة لبنان وواجباته السعي الجدي لبناء شراكة مع سورية والعراق الشقيقين لتوحيد الجهود والقدرات. والبلدان الثلاثة أحوج ما يكون لذلك في ظروفها الحاضرة، رغم التفاوت في وطأة الأزمات وتأثيراتها.

 

إن تلاقي بلداننا  وشراكتها يتيحان تذليل الكثير من المصاعب، وتيسير شراكات تقنية وبحثية وتمويلية ممكنة مع الصين وايران. وبتكامل الجهود يمكن لتكتّل المشرق الشمسي أن يتحول الى قوة اقتصادية واعدة ونامية بفضل تكامل المزايا، ومن شأنه تحفيز مجالات كثيرة ومتنوعة لشراكات أخرى مثمرة، ناهيك عن النهوض المتاح لفروع وأنشطة اقتصادية منتجة ومتعدّدة.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى