بقلم غالب قنديل

الحلف التركي الصهيوني تحت الرعاية الأميركية 

 

غالب قنديل

 

عندما يتحرّك الكيان الصهيوني أو تركيا في المنطقة وحول أي من العناوين والقضايا، فمن البديهي السؤال والتفتيش عن بصمة أميركية مباشرة أو بالإيحاء والطلب في القنوات الدبلوماسية والمخابراتية  المتشعّبة في كلّ ما يتصل بتطورات المشرق، وخصوصا حول سورية والعراق وفلسطين ولبنان، وطبعا إيران، التي تعاظم وزنها وتصاعد بزخم دورها القيادي في محور المقاومة.

الدور التركي الإقليمي يحكمه ازدواج ظاهر وحسابات تجارية ومصلحية، تعزّز من وظيفة النفاق السياسي، الذي يتقنه المنتمون الى البيئة الإخوانية بالتوارث. وفي الحالة الأردوغانية تمّ استثماره بجدارة في الجمع بين الهويتين الأطلسية والإسلامية لتسويق ورعاية شبكة من المصالح التجارية ولممارسة دور في خدمة الخطط والتوجهات الأميركية الأطلسية في المنطقة، وفي الوقت ذاته تحصيل مكاسب ومصالح مالية وتجارية في أسواق المنطقة.

 

باتت تركيا إمبريالية سوق، أخفت بأقنعة متعدّدة مصدر امتيازات التصنيع المستعارة، والتي تنعّمت باستثمارها في انتاج سيارات وشاحنات، بامتياز التفويض والتوكيل من الشركات الأميركية الكبرى، وبتورية التسميات المحلية. وثمة أنواع متعدّدة من السلع تطول قائمتها، ولا مجال لتعدادها، هي مخرجات تصنيع تركي بامتيازات أجنبية.

 

راهنت تركيا بحرارة على استثمار موسم ما سمّي بالربيع العربي، وأخفت عمق ارتباطها العضوي بالإمبراطورية الأميركية  وبالكيان الصهيوني، في تورية متعمّدة لخدمة الدور والوظيفة المسندين اليها من السيد الأميركي.

 

تابعت تبني وتراكِم لتوسيع وتعزيز دورها الاقتصادي والتجاري، وهي اليوم تجد نفسها بانتشارها أقرب الى إمبريالية سوق تشبه تايوان، التي تماثلها في النشأة والنمو ودرجة التبعية، وفي الوظيفة الاقتصادية والسياسية كمستعمرة أميركية.

 

إن التصريح المتصاعد بعلاقات تركية صهيونية بعد سنوات من الدجل، يكرس علاقة راسخة لم تنقطع، ولم تضعف في ذروة الصعود الأخواني وموسم الربيع، وقد كانت تنظيمات الإخوان، بما فيها حماس، تلتمس وتتبنى الأعذار والتبريرات لتلك العلاقة المشينة والمفضوحة في كونها حاصل ارتهان أميركي اطلسي عميق ومتأصّل، لا تخفيه دولة الخلافة المزعومة.

 

ما كان ينقص انكشاف الخداع التركي سوى التورّط في الحرب على سورية، والمساهمة المباشرة متعدّدة الأشكال في مسعى تفكيك الوحدة الإقليمية لسورية باستخدام أشكال وأقنعة متعدّدة، إضافة الى شهوة اقتطاع حيّز من الجغرافية السورية بالقوة العسكرية، وتغيير الديمغرافيا عبر نمط الإحلال السكاني الخطير، لتثبيت الاحتلال وبناء مرتكزات تغيير الهوية القومية، وباستغلال العنصر التركماني، الذي كان في طور متقدّم من التمثّل القومي منذ عقود، ولاختراع مرتكزات تفكيك سكاني وجغرافي تحت عناوين واهية خادعة.

 

إن إحياء حرارة الحلف التركي الصهيوني ليس فعل صدفة، بل هو مؤشر الى تقدير أميركي يتصل بظروف الفريقين وحاجات واشنطن الاستراتيجية والسياسية في المنطقة.

 

تركيا دولة معتدية غاشمة طامعة تحتلّ مناطق مهمة في سورية، ومن غير المشروع لأيٍّ كان أن يقف متفرجا على ذلك، وأضعف الإيمان، هو الموقف السياسي الواضح والتلويح بوضع المصالح التجارية التركية في الميزان. وتكفي دعوة عربية لمقاطعة البضائع التركية لصفع العثمانية الجديدة وردعها.

 

طبعا، المؤسف أننا في زمن انكفاء وانطواء وتفكّك على الصعيد القومي، وهو ظرف ينتهزه المعتدون في سورية بقيادة الأميركي المتغطرس، الذي يطلق وحوش التبعية والعمالة لتهشيم سورية ونهشها  وتمزيقها، وسورية الصامدة بشعبها وجيشها وقيادتها ستنتصر، لتنهض وتتسامى منارة مشعّة في الشرق.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى