بقلم غالب قنديل

تركيا تقامر بمصالحها في المنطقة

 

غالب قنديل

تنامى الدور التركي الاقتصادي في المنطقة وسائر البلدان الإسلامية ومن الواضح ان نظام أردوغان يجيد استثمار طابعه المزدوج وهويته الثنائية كدوله تنتمي إلى العالم الإسلامي وتشغل بالتوازي موقعا ودورا رئيسيا في منظومة الحلف الأطلسي وصيغته العسكرية والامنية المشتركة.

تمثل المخابرات التركية الشبكة الأوسع انتشارا في بلدان المنطقة بينما السع التركية هي الأكثر رواجا في الأسواق ضمن مصنفات وأبواب عديدة تشمل مروحة كبيرة من المنتجات التركية من الملبوسات والمواد الغذائية وصولا الى السيارات والشاحنات اضافة لوجود شركات مقاولات وانشاءات تركية تحظى بالرعاية والترحيب.

 

هذا التغلغل التركي اللافت في حجمه ومداه تم كذلك على صعيد القيم والمخرجات التي حملتها الدراما التلفزيونية التي باتت حاضرة ومنتشرة في بلدان المشرق والخليج على أوسع نظاق تحف بها وتظللها حملات إعلام وترويج نشطة.

 

تعاظم الدور الاقتصادي التركي وتضخم حجمه حتى توهم البعض من انتفاخه تورما في حجم المصالح التركية قد يغوي بانفصالها عن ولي النعمة الأميركي الذي هندس الدور والوظيفة وقدم الرعاية والدعم ليجعل من تركيا قاعدة استخبارات ونشاط عسكري فاعل في جميع حروب المنطقة وأزماتها خلال العقود المنصرمة.

 

في سائر المفاصل وعلى مدى عقود كانت تركيا مندمجة في ركاب الحروب الأميركية الأطلسية والصهيونية وكانت وظيفتها توفير الخدمات اللوجستية للأساطيل والجيوش وقدمت على أراضيها اوكارا مضيفة لأنشطة القتل والتخريب التي مارستها في المنطقة مجموعات وفرت لها تركيا كل التسهيل لتنفيذ العمليات الإجرامية الدموية ضد الدول الأخرى ونالت سائر القوى التحررية قسطا كبيرا من هذه المشاركة التركية.

 

المفارقة الخطيرة هي استدامة وتشعب التغلغل الاقتصادي التركي دون قيود أو اعتراضات تذكر رغم البينات والشبهات السافرة حتى أن قوى وحركات المقاومة لا تدرج الأمر في لائحة الاهتمام السياسي والعملي رغم تأذيها تباعا وبالمفرد من وظائف ومساهمات تركية استخباراتية ولوجستية شديدة الخطورة

 

بالمقابل تلعب تركيا دورا محوريا في العدوان على سورية والعراق واليمن وكذلك على ايران وفي قلب هذه الدول وأسواقها التجارية تلاقى السلع والشركات التركية بكل الترحاب والتجاوب لأن الأسوار مشرعة دون موانع سياسية ومعنوية ورغم وقاحة المواقف التركية والمساهمات التركية وصلفها الفاضح.

 

لو كان ثمة موقف صلب وصارم من دول المنطقة يشعر أنقرة بان مصالحها التجارية باتت في كفة مقابلة لمواقفها وخياراتها ازاء قضايانا ومصالحنا لكنا امام مشهد مختلف ولأكره أردوغان على مراجعة حساباته فورا بقدر ما يضع تجارته واستثمارات شركاته في كفة مقابلة لسائر الشراكات والعلاقات

 

إن الموقف المناسب في التعامل مع العنجهية الأردوغانية يفترض أن يقيم موازنة بين الشراكة الاقتصادية والخيار والتموضع السياسي فيفرض على إسطنبول مراجعة حساباتها بسرعة وحزم اذا تلاقت على الأقل في ذات الاتجاه حكومات كل من العراق وايران وسورية ولبنان.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى