بقلم غالب قنديل

العدوان التركي على سورية والعراق حرب أميركية بالوكالة

 

غالب قنديل

يُفترض تنحية أيّ تفكير عقلاني أو استراتيجي واقعي لقبول الفكّ التعسفي افتراضيا بين نهج النظام التركي وحركته في الإقليم وبين المشيئة الأميركية الأطلسية وتعليماتها وتوجيهاتها، بل جبرية استحصال أنقرة على إذن واشنطن وإجازتها قبل أي مبادرة أو حركة في الإقليم. وليس الإسناد اللوجستي والتقني، الذي تقدمه الإمبراطورية الأميركية لربيبها التركي مجرّد عطاء مجاني بحصيلة الانتماء إلى حلف الناتو. ومعلوم للعالم ما يمثّله هذا الحلف ومؤسساته وأجهزته التنفيذية على مستوى الإطار التنظيمي والإداري المتشابك بقيادته الأميركية المباشرة.

 

الأخرق المعتوه هو الذي ينظر الى العربدة العسكرية التركية في سورية والعراق من خارج هذا الإطار المبدئي. فالنظام التركي الذي يحيط نفسه بضجيج وبهالة من الانتفاخ والعنجهية الدجالة، هو دولة تابعة، تعمل بتوجيهات أميركية، وتتحرك وفق المشيئة الاستعمارية الغربية من خلال حلف الناتو. ولا تحوز أنقرة أيّ هامش يتيح لها الانفراد أو الاجتهاد دون استئذان السيد الأميركي، وأيّ افتراض سوى ذلك في تفسير وفهم المواقف والتحركات التركية، هو ضرب من الخبل والاغتراب.

 

سائر الدول المشاركة في الناتو تخضع في ساحات عملها لقيادة أركان الجيوش الأميركية بوصفها القيادة العليا، التي تشرف على جميع تحركات وأنشطة الحلف، وهي تملك آلة قيادة وتحكّم تدير أدقّ التفاصيل العسكرية والاستخبارية واللوجستية، ومن البلاهة تخيّل أو معاملة العدوان التركي في سورية والعراق بمنظور النزاع الإقليمي، دون اعتبار لحقيقة أن الإجازة الأميركية المسبقة، هي شرط الوجوب في تحريك للوحدات العسكرية، التي تنفّذ قرارا أميركيا وأوامر أميركية، مهما بلغ ضجيج الذراع التركية أو حشدت لعدوانها المزاعم، من مثل استغلال العنصر التركماني، الذي ليس مستجدا أو حديثا ولا هو محور نزاع أو حساسية بل إن جلّه مندمج شعبيا لا يشكو من أيّ اضطهاد أو تمييز منذ عقود.

 

إن الجماهير والقوى الوطنية التحرّرية في البلاد العربية تتحمل مسؤولية التحرك الواجب ضد هذه العربدة العدوانية التركية بكل الوسائل المتاحة لمساندة سورية والعراق في التصدّي لفصولها، وأيّ تطور لعلاقات صداقة وجوار سيبقى مشروطا بالتخلّي عن الأطماع والعدوان وإزالته وتصفية ذيوله جذريا، وكلّ كلام آخر باطل ومرفوض. وإن كان من هامش لبحث في علاقات الجوار والتعاون الممكن، فهو مشروط بإزالة العدوان وآثاره كبداية بديهية لأيّ مسعى إيجابي.

 

من حقّنا، ومن حق سورية والعراق ارتقاب موقف واضح ومبادرة عاجلة للشقيقة ايران وللحلفاء الروس في ردع هذه العربدة، وإرغام تركيا على مراجعة حساباتها، وإلزامها بالخروج من الأراضي السورية والعراقية دون قيد أو شرط، ليفتح البابظ، بعد إنهاء العدوان، على بحث هادئ وممكن في العلاقات الثنائية المستقبلية بين كلٍّ من تركيا وسورية والعراق.

 

إن النظام التركي في عربدته يهدد ببلقنة المنطقة، وهو أمر خطير لا يجوز الصمت عليه والإحجام عن التدابير والخطوات الكفيلة بردعه ووضع حدّ لمغامرته المؤذية والمدمّرة، وإنهاء منهجية الغطرسة التركية في التعامل مع دول الجوار المشرقي، حيث تغامر أنقرة بمصالحها المتشعّبة اقتصاديا واستثماريا وتجاريا مع جيرانها، بينما تهزّ أمن واستقرار إقليم شديد الحساسية والدّقة في توازناته.

 

تعمي الغطرسة القيادة التركية عن الحقائق، التي يُفترض احتسابها عسكريا واقتصادية في مغامرة تستعدي الجوار السوري والعراقي، والبلدان يعانيان من حروب تديرها واشنطن، وشرعا يخرجان من نفقها الدامي، وسيكون تأديب المعتدي التركي، هو الحلقة التالية، وفرصة ردّ الاعتبار وطنيا وقوميا.

 

المؤسف أن يكون الواقع العربي مشلولا معطوبا، وأن تكون روسيا منصرفة الى هموم جوارها القريب، ليقتنص أردوغان العثماني ما يفترضه فرصته. من هنا نلتفت الى إيران، فهي الأَولى باتخاذ موقف حازم، يضع حدّا لتفلّت العدوانية التركية وانكشاريتها القبيحة واللصوصية.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى