بقلم غالب قنديل

بري عائد للرئاسة ميثاقيا وبانفتاح على الإصلاح الجذري 

 

غالب قنديل  

من الواضح أن إعادة انتخاب الرئيس نبيه إلى رئاسة المجلس هي من تحصيل الحاصل، رغم المشاغبة والتشكيك، وهي حتمية تفرضها حصانة ميثاقية لكونه موضع تفاهم واجماع حزب الله وحركة أمل ورصيدهما من النواب، ولانعدام أيّ ترشيح منافس بأهلية ميثاقية، وفق القواعد المعمول بها في النظام ومؤسساته، مما يجعل الظاهر من مفردات الاعتراض والمشاعة تمنيات خائبة بلا جذور أو حظوظ. 

أظهرت التفاعلات والأجواء السياسية في حاصل ترددات المواقف والتمنيات، التي برزت، كونها مراهقات هوجاء، كمثل الدعوات التي أطلقت لرفض انتخاب الرئيس نبيه بري دون تبنّي رؤية، تملي إعادة النظر في ما بات عرفا ميثاقيا، يحكم التوزيع الطائفي لمناصب الدولة العليا والرئاسات الثلاث وسواها من مواقع المسؤولية في الدولة.

بعض النزق مصادره لا ترقى إلى اعتناق رؤى إصلاحية أو اقتراح اصلاحات دستورية أو مراجعة الميثاق، الذي رست عليه الحياة الوطنية بعد اتفاق الطائف. وبعض المواقف يستهدف شخص الرئيس نبيه بري بقصد النيل من حصانة المقاومة في المعادلة اللبنانية.

يعلم المتربّصون أن رئيس المجلس لعب  دورا حاسما في تكريس القواعد والتقاليد، التي ترسّخت دستوريا وسياسيا بجمعه بين رئاسة المجلس ورئاسة حركة أمل وبالشراكة مع حزب الله. ولا شكّ أن تغرة الاختلال والضعف، هي أن العلاقة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر ليست، في الشكل أو المحتوى، على السويّة ذاتها، ويشكل اصطلاح “حليف الحليف” كناية عن نقطة ضعف تعتور العمل الوطني برمّته.

ما تزال تلك العلاقة منذ التفاهم بين حزب الله والتيار غير مباشرة، بل يشوبها الكثير من الحساسيات والاختلافات، التي تجعلها محفوفة بمشاحنات وتوترات تثير التباعد بينهما، وتقطع سبل التواصل والتفاعل، ورغم العلاقة البرلمانية اليومية الحيّة بين رئيس المجلس ونواب تكتل التغيير والإصلاح.

الحوار المستحقّ بين حركة أمل والتيار لبلورة تفاهم ثنائي بات أكثر من ضرورة، بدلا من الاكتفاء بصيغة “حليف الحليف” التي ينسّقها حزب الله بينهما، وهو الأقدر على رعاية نقلها الى مرحلة جديدة وضمان تحقيق تفاهمات وتناغم سياسي بالواسطة. ونأمل أن ينسّق حزب الله حوارا ثنائيا بين حليفيه لبحث وبلورة التفاهم الممكن قبل الانتقال الى بلورة صيغة جبهوية جامعة تضم سائر الحلفاء، وهي باتت مستحقّة بعد إخفاق حلفاء أساسيين في الاحتفاظ بأحجام نيابية مقبولة أو في الفوز أصلا.

إن الصيغة النموذجية المثلى لقيادة العمل الوطني، هي بناء مؤسسة جبهوية تمتلك مؤسسات وآليات عمل موحدة مركزيا وفي المناطق، بحيث تؤمّن تضافر الجهود والطاقات السياسية والنضالية، والجهود التنظيمية والعملية  في أدارة الشأن العام السياسي والاقتصادي والمعيشي ويومياته.

هذا هو التحدّي الحقيقي، الذي تتوقف على النهوض به وحلّ معضلاته تحديات وفرص كثيرة، تحقّق نقلة جدّية ونوعيّة في العمل العام، وعلى صعيد التجربة السياسية للعمل الوطني، الذي بات أمام ضرورة المأسسة، بدلا من العفوية والارتجال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى