بقلم غالب قنديل

الرئيس بري وبرنامج التغيير الدستوري والسياسي

  

غالب قنديل 

برزت بادرة دستورية سياسية نوعية من خلال الفقرة الإصلاحية الأهم في خطاب الرئيس نبيه بري أمس، وهي بادرة شجاعة ونوعية متميزة عن كل المتداول من أفكار واقتراحات، تتعلق بتطوير الحياة السياسية الوطنية. وخلافا لسائر الخطب في الموسم الانتخابي أراد رئيس المجلس ورئيس حركة أمل أن يطلق الدعوة العاجلة لتطبيق أهمّ بنود اتفاق الطائف بالانتقال الى نظام المجلسين. 

أطلق الرئيس بري مسارا تغييريا بدعوته إلى اطلاق مجلس الشيوخ، إلى جانب تحرير الانتخاب النيابي من القيد الطائفي، وخفض سنّ الاقتراع وسلة اصلاحات أخرى دستورية. وهو من موقعه الوطني والدستوري وبخبرته، وضع اليد على عتلة التقدّم في الحياة الوطنية والمؤسّسية، التي تطلق مسارا جديدا على الصعيدين السياسي والدستوري.

سبق لرئيس حركة أمل ورئيس المجلس النيابي أن تقدّم الصفوف بالدعوة الى الغاء الطائفية السياسية، وتحرير النظام الدستوري والسياسي من قيودها ورسوباتها. وقد ساند جميع من رفعوا شعار الإلغاء الفوري الشامل لكل قيد طائفي في تكوين المؤسسات وانبثاق السلطات والرئاسات.

عندما تبلورت تفاعلات سياسية، وظهرت هواجس ومخاوف في صفوف مرجعيات سياسية ومواقع روحية مسيحية، كان الرئيس بري مبادرا للتجاوب مع  فكرة التدرّج في تجاوز الصيغة الطائفية، التي رفضها وقاومها بكلّ جذرية،  وهو بات أمينا على التغيير المنشود من موقعه الدستوري والوطني.

أشاع بعض الأبواق، بداعي التشويه والتشويش، انطباعات بعدم جدية تبنّي دولة الرئيس لهذه الفكرة في السابق، وهو اليوم يتّخذ المبادرة بطرحها، ولم يكن ليقبلها حرجا او مسايرة لأيّ كان، بل لاقتناعه الوطني والدستوري بأن هذه الخطوة ستُحدث نقلة مهمة في الحياة الوطنية والدستورية، وتضعها في مسار متقدّم يلاقي التطلعات المستقبلية.

وان كان الغامزون يفترضون خطف رئاسة مجلس الشيوخ بعضا من وهج رئاسة المجلس ودورها وصلاحياتها، فالرئيس نبيه بري يحوز من الحصانة والثقة الوطنية والحصافة والحكمة ما يتخطى الحسابات الصغيرة الى صفته ومكانته المرجعية وطنيا ودستوريا.

سوف يحفظ اللبنانيون وتاريخ الجمهورية أن إنشاء مجلس الشيوخ وإطلاق مسار جديد في الحياة السياسية والدستورية يحمل توقيع الرئيس نبيه بري، من خلال انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس للشيوخ، وانطلاق مسار دستوري سياسي نوعي يعزز الحياة الوطنية ويغنيها ويفتحها على آفاق رحبة من التقدّم والتطور..

هذا هو برنامج التغيير الحقيقي في النظام السياسي الدستوري، وهو قرين معادلات الحماية والحصانة في ظلّ المعادلة الذهبية، التي كان الرئيس نبيه بري أول من أرساها في تاريخ الجمهورية، وهو اليوم يحرسها مع رفاق وشركاء، في طليعتهم قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله. هذه الشراكة التاريخية بروح الأمل والوفاء ترسم آفاق المستقبل المشرق، وترسي مداميك واعدة في مسار الإنقاذ والنهوض لكلّ لبنان.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى