بقلم غالب قنديل

التقارب السوريّ العراقي والمخاوف الغربية الصهيونية  

غالب قنديل

على الدوام نظرت مراكز التخطيط والقرار الأميركية الغربية الصهيونية بقلق وخوف شديدين الى الشراكات السورية العراقية وآفاق تطوّرها الى مستويات متقدمة، تنتج تناغما سياسيا، يضع ثقل العراق ووزنه الاستراتيجي على الخطوط الأولى في الصراع العربي الصهيوني.

التناغم السوري – العراقي كان دائما قوة دفع لمسار النهج الاستقلالي التحرّري على صعيد المنطقة العربية ككل، ومنذ مطلع القرن العشرين كان كلّ تقارب سوري عراقي، يلهب الحماسة القومية، ويحرّك مؤامرات استعمارية صهيونية بدافع التخريب والعرقلة.

 

يعرف الدارسون والمتابعون أن لهذا البعد بالذات علاقة مباشرة وعضوية بكلّ ما عصف من زلازل بالعراق وبسورية خلال العقود الثلاثة الماضية. وقد اجتمعت لتحريكها مؤامرات وخطط، رسمها الغرب ونفّذها بالشراكة مع الرجعية العربية والكيان الصهيوني.

 

وظّف الحلف الاستعماري جهودا كثيرة لمنع أيّ علاقة سورية عراقية متقدّمة، تنعش فكرة الجبهة الشرقية، التي سعى الغرب والحكومات الرجعية العربية لمنعها ومحاصرتها، لحماية الكيان الصهيوني ومعاقل الهيمنة الأميركية من التأثير والانعكاسات الكامنة والمتوقّعة.

 

ما كان ممكنا دفع قضية فلسطين في متاهات الضياع والتبدّد الاستنزافي لو كانت أنماط الشراكة والتكتّل والتنسيق السوري العراقي سليمة معافاة. وما أطلقه الغرب من زلازل متعاقبة في المنطقة، وما استهدف به كلا من سورية والعراق، هو مصداق الاستنتاج وذاكرة التاريخ القريب، تدعو للتوجّس من خطر التآمر الاستعماري على بوادر التقارب المستجدة.

 

ما تقدم يدعو الى التنبه لضرورة اعداد خطة تحمي الشراكات السورية العراقية المستجدة من المؤامرات الاستعمارية التي قد تتربص بها مع ملاحظة مفارقة النأي الظاهر عن الشعارات المتضخمة التي طبعت أدبيات الحقب السالفة بحيث تتقدم صيغة التعاون والشراكة الواقعية بلغة عملية بعيدا عن أي استعراض او مبالغة.

 

إحياء الخطوط النفطية السورية العراقية يمثّل بادرة مهمة ونوعية لصالح المنطقة وبلدانها، ومن دواعي الارتياح أن تتبنّى السلطات العراقية هذا الخيار، الذي يلاقي استجابة سورية واضحة، مع خشيتنا الدائمة من مؤامرات الغرب والصهيونية والرجعية السعودية، التي كانت طيلة عقود تخاف التلاقي السوري – العراقي، الذي يشعّ قوميا ومشرقيا، ويكتسب مهابة وجاذبية مميزة.

 

فالرجعية السعودية تعرف فعل هذا التحوّل على الصعيد العربي، وتخشى نتائجه، وهي تدرك أن دورها المحوري في الأسرة العربيو، بجميع مستوياتها ومؤسساتها، قام على أنقاض الحيوية السورية، التي عُطّلت واستنزفت في أبشع مؤامرة، شارك فيها فريق من الحكومات العربية بالأمر الأميركي الصهيوني. وقد ضم حلف العدوان معظم حكومات الخليج، ولاسيما السعودية، التي أغدقت اموالا لتجنيد المرتزقة وتمويل واجهات عميلة، كما بُني ذلك المخطط على تعطيل الثقل العراقي المهم والفاعل سياسيا واستراتيجيا واقتصاديا.

 

إن الدور النوعي للشقيقة ايران في المنطقة وتأثيرها في العراق، كما حلفها الوثيق مع سورية في إطار محور المقاومة، ينشر روح الشراكة، ويقيم نماذج متقدّمة من التكامل والتناغم الآيلة للتطور، إضافة الى ما يمثّله الحضور الوازن للحلفاء الروس على الأرض السورية من تأثير نوعي وتحفيز لتوسيع الشراكات وتنميتها في جميع المجالات.

 

إن هذا التشابك في الشراكات الاقتصادية والسياسية والدفاعية، الذي اختبرته المنطقة، هو روح التقدّم والتطور التاريخي، التي تدفع باتجاه انبثاق عهود ازدهار ونموّ واستقرار ومناعة وثيقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى