بقلم غالب قنديل

الكيان الصهيوني في حلقة الرعب والعجز

 

غالب قنديل

حوّل الاستعمار الغربي الكيان الصهيوني الى قاعدة للهيمنة والعدوان، سلّحها بأحدث منتجاته العسكرية وصولا الى السلاح النووي، الذي استُحدثت قبل عقود مفاعلاته الفرنسية، التي أنتجت للصهاينة أول قنبلة امتلكوها، ثم زادوا عليها بمعونة أميركية بريطانية، وباتت الترسانة الصهيونية تحوي عددا مكتوما من الرؤوس والقنابل النووية. 

خّيّل للعدو الصهيوني أنه بات في مأمن بعد الانهيارات العربية واتفاقات الخيانة والاستسلام، التي شملت عددا من الحكومات في بلدان الطوق، وبعدما كان الخضوع المشين للقواعد ذاتها وتوقيع أخطر صكّ اعتراف فلسطيني للكيان، بتكريس مشروعية اعتراف عربي، تلاحقت فصوله.

المفاجأة الصادمة والمذهلة التي نشرت الخبل في أوصال الكيان، ونالت من قدراته وخبراته الاستراتيجية كانت في ظاهرة المقاومة، التي احتضنها محور اقليمي لم يكن في حاجة للسلاح النووي وفرض توازن رعب حقيقي، بات يكتّف الآلة العسكرية الصهيونية.

المؤسسة الأمنية الصهيونية مترنّحة على شفا عجز وانهزام، لا تستره الاستعراضات والتهديدات أو بوادر البطش والقمع، بعدما تكسرت الهيبة، وترنّحت ومُرِّغت بالوحل، وسحبت معها الى المستنقع شتّى أكوام بيانات وادعاءات فارغة، تؤوب الى فضيحة في اختبارات القوة الميدانية.

تعترف الدولة العبرية عبر التقديرات الاستخبارية، التي تَرِدُ تباعاً في الإعلام الصهيوني، بعجزها عن خوض مواجهات مع فلسطينيّي الأرض المحتلة عام 48، وهي تقرّ بأنها مرجَّحة الوقوع، خصوصاً إذا ما اندلعت معركة على أيٍّ من الجبهات المحيطة، ولا سيما مع قطاع غزة أو لبنان.

تظهر التقارير الصهيونية انبعاث صورة جحيم النار، التي زلزلت الخرافة العبرية، وصدّعتها في العقود الماضية. وقد أبدت الصحافة الصهيونية اعترافا متزايدا بأن تمادي القصور بات جزءاً من الكوابح، التي تمنع المؤسّسة العسكرية الصهيونية من مواصلة وتصعيد استفزازها للفلسطينيين.

كرّر المحللون والخبراء الصهاينة التنبيه والتحذير من خطر متفجّر وداهم، على نحو قد يدفع أيّاً من الجبهتَين الى الانفجار، دون التغافل عن واقع الترابط والتنسيق بين القوى الإقليمية المكونة لمحور المقاومة، والتي تجاهر بدهمها للفصائل الفلسطينية المقاومة، مما يجعل أسوأ كوابيس الدولة العبرية احتمالا واقعيا واردا.

وقد تبدّى من سطور التعليقات والتحليلات الصهيونية تفشّي الرّعب من مدّ ثوري صاعد، يفرض معادلات جديدة. والحقيقة، إن المؤشر الأهمّ، هو ذلك التفاعل الأصيل في نهضة الكفاح التحرّري الفلسطيني بين الموج الشعبي وانبثاق ونموّ أنوية فدائية مقاتلة منظمة، ترث خبرات وكفاءات أجيال قاتلت في ظروف متغيّرة، واكتنزت دروسا، تأصّلت واختمرت في وعي الشباب المناضل.

هكذا يرث الشباب الفلسطيني المقاوم ما جمعه العمل الفدائي في مراحله السابقة وعهده الذهبي، ويبني عليه المزيد، مستفيدا من تقنيات وكفاءات مكتسبة، تجعله أوسع اطّلاعا وأكثر خبرة وتمكّنا.

وهكذا يدخل النضال الوطني الفلسطيني مرحلة جديدة واعدة ليأتلف مع روافد النهوض والتحرّر في الشرق، التي تدرج قضية فلسطين في صلب أولوياتها المبدئية والسياسية والكفاحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى