بقلم غالب قنديل

فلسطين تنهض مجددا وأجيال المقاومين تواصل القتال

غالب قنديل
التفاعل العضوي بين النضال المسلّح والحركة الجماهيرية الثورية، هو ميزة وعلامة فارقة في جميع حروب التحرير، التي خاضتها الشعوب بفوارق وتمايزات ناشئة عن الخصوصية واختلاف الظروف الموضوعية، وغالبا كان الإنجاز التاريخي مرتبطا بنضج القيادات والطلائع، التي تصدّرت حركة التحرّر، وأدارت الصراع ضد الاستعمار وعملائه المحليين.
إن الطابع الاستعماري الاستيطاني للكيان الصهيوني كان منذ النكبة مصدر تعقيد كبير لشروط النضال الوطني الفلسطيني، الذي اجتاز مراحل خطيرة حافلة بالتشوّه والانحراف طيلة العقود الماضية، بعدما أحكمت الرجعية العربية سيطرتها على الهياكل القيادية، وشبكتها سياسيا وماليا وأمنيا، ويسّرت مداخل اختراق واحتواء، أفاد منها الكيان الصهيوني.
تشوهت وانحرفت بعض منظمات المقاومة، التي اختلط في رحابها وتمازج وهج بطولات وانتصارات فردية وجماعية بركام خيبات وخيانات وإحباطات، أثقلت كاهل أجيال متعاقبة من المناضلين الأنقياء والشجعان، الذين أفنوا أعمارهم في الكفاح الوطني وتبتلوا، فهجروا كل المنافع والمغريات الملوثة والمفسدة لنقاء الالتزام الوطني.
إن أخطر مصادر ومرتكزات الانحراف السياسي كان التشوّه البيروقراطي الانكشاري في تكوين التنظيمات والجبهات، والعقل السياسي الانتهازي، الذي ساوم على المبادئ، وهجر فلسطين، فحوّلها الى يافطة معلقة على ركام امتيازات وانتفاخ مظهري خادع في عراضات وعروض ومهرجانات تضج بالادعاء خارج الأرض المحتلة.
انحدرت القيادة السياسية الفلسطينية في كنف النظام العربي الرجعي حتى حضيض الاستسلام والخيانة السافرة، عندما تحولت الحقوق الوطنية التاريخية الى حواشٍ شكلية فارغة في اتفاقات تكرّس الاعتراف بالعدو، وتتخلى عن الحقوق الوطنية، وتُبادِل الاعتراف بشرعية الكيان الغاصب بهوامش فارغة، بلغت مرحلة متمادية في بشاعات التزوير وتطويب الأرض السليبة لكيان استعماري غاصب مع اتفاقات أوسلو.
تمخّض المسار المنحرف عن أشلاء دويلة افتراضية مزعومة ليست بواقعها سوى برزان التشريفات الرئاسية وهيكل إداري مسخ مشبوك وممسوك، يسوسه الصهاينة من خلف ستارٍ واهٍ، وتوزّعت فيه خيوط السيطرة الأميركية برعاية الرجعية العربية، يتقدّمها كلٌّ من النظام السعودي والمصري والأردني.
اتخذ النظام العربي من خيانة القيادة الفلسطينية فرصا للهرولة، وتحت إلحاح أميركي معلن، فُتحت البوابات للتغلغل الصهيوني اقتصاديا وسياسيا وأمنيا تحت عنوان التطبيع في غير مكان، وانبرت حكومات عديدة تلهث الى طلب القرب من الصهاينة بمذلّة ودونية.
التحقت بركب الخيانة حكومات عربية بالكاد كانت تصدر بيانات التضامن مع قضية فلسطين ولم تحمل يوما عبئا يعتد به من تبعات واكلاف الصراع العربي الصهيوني والحروب المتلاحقة التي طالت دول الطوق بنيرانها ومجازرها.
رغم كل ما فعله الغرب الاستعماري وحكومات الردة العربية لتكريس واقع التصفية والاستسلام ولشطب فلسطين من الذاكرة ومن الوعي الشعبي ظل يتجدد وينبعث نبض فلسطيني ثوري في اختلاجات شعبية أصيلة داخل الأرض المحتلة على مدى عقود وتعاقبت اجيال من الفدائيين الشباب تنكبت البنادق وصرخت تنادي إلى النضال والسلاح
الانخراط المتواصل في خنادق الصراع ضد الكيان الغاصب وتعاقب الأجيال الفدائية هومن ميزات التجربة النضالية الفلسطينية ودائما تصدر الشباب الطالع الصفوف والخنادق وقاموا بتأصيل التجارب والخبرات وأبدعوا وأضافوا اليها.
التطورات التي نشهدها تبشر بنهضة جديدة للنضال التحرري الفلسطيني والظواهر البكر تستحق ما يتخطى بيانات الإعجاب والإشادة وسيكون على عاتق كل مناضل آمن بفكرة تحرير فلسطين ورفض الانحرافات والتشوهات أن يبحث في سبل المساهمة برعاية البراعم الجديدة وفي انبعاث شعلة المقاومة والتحرير ولو بأضعف الإيمان أي بالكلمات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى