بقلم غالب قنديل

الوصاية الأميركية تخنق لبنان والسلطة خاضعة

غالب قنديل

العقوبات الأميركية الغربية على مؤسسة القرض الحسن وغيرها من المؤسسات الوطنية اللبنانية، التي تغطي بأنشطتها شرائح اجتماعية وشعبية متعّددة، هي من أدوات الضغط والتسلّط الاستعماري والاستباحة الشاملة، التي يتيحها نظامنا السياسي.

النخبة الحاكمة تتوزّع خنادق العمالة والانخلاع والعقم والعجز، وهي تسوّر دوائر القرار بحواجز وهم وتهويل، مانعة للمبادرات، تعيق الاستجابة للفرص والمسارات الجديدة المتاحة في البيئة الدولية الإقليمية المتحوّلة بما تشهده من تغييرات، وتفتحه من نوافذ ومسارات.

 

في العرف، تبيح الضرورات بعض المحظورات. وغالبا توجب المصلحة العليا تخطّي العوائق بأيّ ثمن لمقاومة أيّ ضغط أو عائق يعترض طريق الانقاذ من الكارثة. وفي نظامنا العظيم العقيم تسود بلاهة الاستسلام للقدر الأميركي، وتُعدم كلُّ فكرة أو فرصة لعقد شراكات مسعفة ومفيدة بدلا من الغرق في المستنقع الموحل تحت اليافطات الأميركية الغربية.

 

فالوضع اللبناني ليس ميؤوسا منه، ومن المتاح انتشاله من الهوّة الخطيرة إذا توافرت الإرادة والرؤية، التي تحقّق مستلزمات تخطّي الكارثة. وسبق أن عرضنا تصوّرا مبكرا لخطّةٍ، تلاقي فرص نهوض ونمو واسعة ومتنوّعة في إمكاناتها وخياراتها القريبة والمتوسّطة والبعيدة.

 

استهول البعض فكرة التوجّه شرقا، وأصحاب النوايا الحسنة ذهبت بعقولهم حملات التهويل بشتى تفاصيلها، أما الأبواق العميلة، فقد بنت خطابها على إدمان التبعيّة ومتلازمة العمالة والارتهان بما يتبعها من حواضر الحشو العقليّ البائس، بجبرية الارتباط بالغرب والارتهان لمشيئته.

 

لا يمكن أن نتوقع من مواقع العمالة والتبعية سوى اجترار وصفاتها المنسوخة عن تعليمات السيد الأميركي السّامّة المدموغة بخاتم صندوق النقد وغيره من المؤسسات المكونة لمنصات الهيمنة والنهب في العالم الثالث.

 

القرض الحسن واحدة من مؤسسات التكافل الاجتماعي، التي أنشأها حزب الله لتوفير مستلزمات الصمود الشعبي، وهي قدّمت مساهمات كثيفة وواسعة في دعم قدرة الفئات الفقيرة على التكيّف مع ظروف الأزمات القاسية وصعوباتها المتراكمة.

 

ببلادة وبخضوع كليّ تلقى لبنان الرسميّ العقوبات، واستجاب لها المعنيون في سائر المواقع الوزارية والإدارية والمصرفية المعنية، من موقع الاستسلام للمشيئة الأميركية، والتخلّي عن أبسط اعتبارات المصلحة أو الكرامة الوطنية أو الحسّ الإنساني أو التضامن البديهيّ مع الفقراء والمعوزين، وهي مأثرة إنسانية قديمة، والأعذار دائما أقبح من الذنوب.

 

دولتنا البعيدة في نظامها الاقتصادي عن تقاليد الرعاية والحماية، يفترض بها، في حكم أضعف الإيمان، أن توفّر الحصانة والحماية السياديّة لجميع مؤسسات التكافل الاجتماعي، سواء تلك التي تقيمها جهات حزبية أم هيئات شعبية، وبغضّ النظر عن انتماءاتها الطائفية والمناطقية أو السياسية، وهذا أضعف الإيمان ما بقي عجز النظام عن إنتاج الحلول أو طالما استمرّت حالة الانهيار الاقتصاديّ الماليّ وتبعاتها الاجتماعية والمعيشية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى