بقلم غالب قنديل

الانقلاب السعودي الأميركي في لبنان ونتائجه

 

غالب قنديل

انها عملية انقلابية وغير عادية فرضتها المشيئة السعودية الأميركية في انعطافة أعقبت عقودا من الاعتماد والتبني حظي بها فريق سياسي رئيسي طبع بأسلوبه وطرق عمله الحياة السياسية في البلد وأحيانا يفتقد الخصوم حذف أحدهم أو بعضهم من المشهد بعد موالفة سنوات مع أساليب عمل ومواقف اعتادوا الاعتراض عليها وانتقادها واعتلموا نقاط ضعفها وقوتها ويقتضي التعود على غياب الحريرية وقتا وجهدا في ظل عصف من التحولات والتبدلات المحلية والإقليمية المترافقة والمتشابكة بهذا التطور عضويا.

لبنان السياسي بعد الحريرية سيختلف دون شك عما قبل واول من يلتمس الانعطافة ومعالمها ويتوجس من وعورتها هو السيد وليد جنبلاط وكذلك الرئيس نبيه بري وقد كانا شريكي الحقبة الحريرية منذ انطلاقها بمشروعها الإعماري ثم في الفصول اللاحقة التي تشاركا فيها معادلات تكوين السلطة السياسية ومؤسساتها التنفيذية والإدارية وقد ناصرا ودعما الخطاب الحريري وخطط الحكومات وسياساتها التي حلقت بالبلد في فضاءات الوهم الخلبي والانتفاخ المالي والعقاري الذي أغرق الناس في قلب الفقاعة الاصطناعية الوهمية التي انهارت وجرفت المدخرات وأتلفت الثروة المجمعة وبددت معها آمالا وأحلاما كثيرة شخصية وجمعية.

في الاجتماع والسياسة لا يدوم الفراغ ولا يؤبد ومما لاشك فيه أن الجماعات التي يفترض البعض أنها سترث الحريرية وتشغل مكانها ليست بجدارة الفاعلية والتأثير الشعبي ولاسيما زمر الأناجزة المبعثرة المنخلعة وهي أصلا في اغتراب سقيم وان استطاعت أن تقتطع حصة من الرصيد الشعبي لتيار المستقبل فهي أعجز من أن تحتل مكانته التمثيلية.

المشهد السياسي اللبناني سوف يتغير حكما مع غياب لاعب محوري والقوى والجماعات المرشحة والمتزاحمة لوراثة الرصيد الشعبي والمكانة التمثيلية والمقاعد النيابية لتيار المستقبل في مختلف المناطق اللبنانية المعنية سوف تخضع لجبرية انتهاء التمركز التمثيلي الذي جسدته الحريرية في رصيدها ودينامية فعلها السياسي المحلي ومكانتها في المعادلات اللبنانية.

طبعا في مفردات المشهد السياسي والإعلامي اللبناني تغيب المشاريع والبرامج والنقاشات الفكرية المعمقة حول المشاكل والحلول وتنحو الأمور الى اختزال القضايا والمشاريع بالأشخاص والرموز وسوف نشهد بعد هذه الخضة غير العادية التي أحدثها القرار السعودي تحت الرعاية الأميركية السافرة وضعا سياسيا مضطربا في لبنان ونستبعد أن تفرز منظومات الأناجزة مراكز تمثيل جديرة شعبيا كما تدعي وتزعم وهي لا تعدو كونها جماعات هامشية قاصرة عن اكتساب التأييد الشعبي الواسع مهما انتفخت وتضخمت لن تشكل بديلا محتملا في الواقع السياسي اللبناني.

الخارطة السياسية والانتخابية دحرجت في مسار انعطاف وتحول غير عادي ومن يعش ير ويفهم ولن تكون الحصيلة كما نرجح على نحو ما اشتهى الحلف الأميركي السعودي الذي ان احتفظ ببعض خيوط وخطوط التأثير والنفوذ فلن يستطيع احكام القبضة على بلد المتغيرات المفاجئة الذي تحتفظ فيه المقاومة بتحالفات عابرة للطوائف والمناطق وتولد دينامية خاصة في مشهده السياسي والاقتصادي كما بين الصدى الواسع لمبادراتها الإسعافية التي فرضت على الحلف المعادي تراجعات قاهرة.

طبعا نأمل بالمناسبة ان يضع الحلف الوطني خططه الانتخابية بأولوية المشروع وبتدقيق الخيارات في التسمية والترشيح بما يرتقي بمستوى الكتلة النيابية الوطنية القادمة وحجمها وفاعليتها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى