بقلم غالب قنديل

سد النافذة المصرية بعد تعطيل الإسعاف الروسي والإيراني  

 

غالب قنديل 

تنكشف المشيئة الأميركية القاهرة عن خطة محكمة  لخنق لبنان ومنعه من التنفس في هوة الانهيار السحيق التي انزلق فيها وترنح واقعه السياسي متراقصا على حبال الوهم متنقلا بين خيارات تحاط بالضجيج ولا تلبث أن تتكشف عن متاهة جديدة في دوامة العدم والعبث.

بعد نسج رهانات وآمال على اسعاف ممكن من النافذة المصرية التي تشعبط فيها أهل السلطة وهللوا لها برعاية وتسهيل أميركيين شرعت العراقيل تطفو وتتراكم  ليتضح لمن يريد الفهم ويستطيع ادراك الخلفيات والدوافع ان لب المسألة أبعد وأعمق من مجرد اعتراضات أميركية مرتبطة بسياسة العقوبات ضد روسيا وإيران.

ما تقتضيه الخطوات الأميركية واقعيا هو فهم اللبنانيين وادراكهم للخلفيات التي تخطت حد الاعتراض المعتاد على بوادر قد تحتسب فرصا لتغلغل روسي او ايراني على ساحل المتوسط  بل الواقع إن ما يرعب الأميركيين هو تحول لبنان إلى ساحة نموذج لتظهير مضمون الشراكات الروسية الإيرانية وكذلك الصينية مع دول العالم الثالث وشكلها المشفوع بالندية وباحترام الخصوصيات القومية والوطنية وهو تحول في حوض المتوسط المعتمد كبحيرة أميركيا منذ عقود.

معلوم أن لبنان بتاريخه وتراثه كموقع تقليدي وتاريخي للنفوذ الغربي في المنطقة سيكون نقطة جذب وتأثير على بلدان المنطقة لصالح خيار البدائل الشرقية وقد تقرر الرد الأميركي الاستباقي بطوق جمع بين التهويل والتعطيل وادامة الانهيار بنزيفه المكلف والخطير.

توهم البعض أن الموقف الأميركي  محصور باعتراض التقدم الروسي والإيراني من النافذة اللبنانية بأبعاده وأصدائه الواقعية والسياسية ودلالاته الاستراتيجية وما وصف بالخرق التاريخي لحوض المتوسط وتهشيم خرافة البحيرة الأميركية الأطلسية برمزية موقع لبنان الدلالي الذي اعتلمته خرائط البنتاغون منذ عقود كرقعة صديقة اختيرت نقطة آمنة لرسو الأساطيل ولحركة الجواسيس في المنطقة كلها.

تظهر وقائع التمادي الأميركي في الضغط والحصار الخانق وجود مقاصد وخلفيات متعددة  مضافة ولا ينبغي أن يغيب ويحجب جوهر الاستهداف الذي يضمر الثأر من نموذج دفاعي متقدم ومشع مثلته تجربة المقاومة بقيادة حزب الله في الدفاع والتحرير وهي حالة لامست الملف الاقتصادي بعد الانهيار بمؤشرات وبوادر يمكن أن تقدم نموذجا متميزا في النمو والنهوض من بوابة الشراكات الشرقية المتاحة برصيد الحزب المقاوم ومهابته المسورة بقدراته الردعية الهائلة.

هذا النموذج  يقدم للمنطقة وشعوبها طريقا للحماية والاقتدار المعنوي والعسكري بل والاقتصادي وهو بتجسده الواقعي قابل للتفاعل على طريقة الدومينو مما أثار نفيرا هستيريا  فتم نسف سقوف مانعة وعوائق كثيرة واقعية وافتراضية بدافع الحؤول دون انعطاف لبناني يتخطى أثره وصداه أي حساب موضعي جزئي.

فتح النافذة المصرية المواربة سوف يسير ببطء طالما قعد اللبنانيون عن استجرار واستكشاف  الخيارات الشرقية  الأبعد مدى والأكثر إثارة للرعب الأميركي ولم يعلقوا جرس المباراة في الشروط والمواصفات فقد ثبت بالتجربة أن السير الجدي في طرق استكشاف الخيارات والشراكات التي ترعب واشنطن سيضعها بين خياري فك الأحزمة واتخاذ خطوات عاجلة مباشرة والتخلي عن كوابح كثيرة ام التدخل الإسعافي بواسطة الحكومات الإقليمية المحتسبة في المعسكر الأميركي الغربي الذي يمنعها من التحرك والتجاوب ويقيدها سياسيا بالإملاءات والشروط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى