بقلم غالب قنديل

القوة الإيرانية الصاعدة وانقلاب المشهد

غالب قنديل
تشير الوقائع وتحولات الشكل والمضمون في لغة التخاطب الغربي مع إيران وعنها إلى اقتراب لحظة الاعتراف بالقوة الإيرانية وفك الطوق عنها وتكريس مقعدها بين الدول الكبرى والفاعلة.
طوق الحصار والعقوبات تهتك وتصدع من نوافذ الشراكات الشرقية الوثيقة وبفعل دينامية عالية وسريعة أظهرها التطور الصناعي والتقني للجمهورية التي تحولت في تراكم بنيانها المستقل إلى قوة صناعية متقدمة نامية وعملاقة واحتلت مقعدها في مصاف دول الشرق الصاعدة رغم ما تحمله من أعباء هائلة وعظيمة في دعم حلفاء المحور المقاوم وما تقدمه من امكانات ومساهمات عسكرية ومالية وعملية وتقنية في ميادين متعددة تخوض قواها معارك فاصلة ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية.
لم يعد بعيدا ذلك اليوم الذي ستفرض فيه ايران انقلاب المشهد وانعتاق القوة الإيرانية النامية من طوق العقوبات التي تم تجويف معظمها بذكاء ومثابرة وبشراكات عابرة للبحار والمحيطات وبمفارقات مدهشة كحركة النجدة الإيرانية لدول أميركا اللاتينية الحرة عبر بحار ومحيطات وحواجز افتراضية دينية وعرقية تخطتها الجمهورية بقرار المرشد آية الله السيد علي الخامنئي الذي تبدى بحسه التحرري الأممي رياديا طليعيا انسانيا وترك وقعا مدهشا لدى جميع دعاة التحرر ومقاومة الاستعمار في المنطقة والعالم ووهج المبادرات أقوى من تخرصات الذباب الواقعي والافتراضي المتعيش على الفضلات الاستعمارية الغربية وروث خنازير العمالة والارتهان.
جميع المؤشرات السياسية والعملية تدل على اقتراب لحظة الرضوخ الأميركي للواقع الجديد وانهيار وتهتك الجبروت الاستعلائي أمام ارادة التحرر والاستقلال الإيرانية الصلبة ومن الواضح أن الغرب كعادته يبحث عن مكاسبه ومصالحه حين يفرض عليه الرضوخ للتحولات القاهرة.
نلاحظ اليوم تسابقا إلى استكشاف فرص الشراكة الاقتصادية والتجارية مع ايران واحياء قنوات اتصال سدتها دول الغرب صاغرة بالأمر الأميركي رغم النبل الإيراني الذي كان يعطي تلك الحكومات الخسيسة فرصا مغرية لو امتلكت شجاعة مخالفة المشيئة الأميركية والتمايز عنها والانحياز إلى مصالح وفيرة ومجزية أتاحتها ايران وحرصت عليها بندية وبطلب صداقة الشعوب والأمم الأخرى في التعاون المثمر والبناء.
القوة الإيرانية تكسر الطوق وتتخطى السدود في نموها وتطورها التقني والعلمي وفي صعودها الاقتصادي كمارد شرقي مقتدر هادر ومشع وهي نموذج مدهش في طاقة تحمل أعباء دعم وشراكات غير عادية ومواصلة عمليات البناء الاقتصادي الاجتماعي الداخلي المتقدم بفضل نظام الجمهورية الذي تحول آليات عمله وحركته دون التكلس والتبقرط بفضل التخطيط والتصميم العبقري الذي جعل الاحتكام إلى الإرادة الشعبية ناموسا ناظما لانبثاق المؤسسات وتشكلها.
ما راكمته ايران من قوة اقتصادية وتطور تقني رغم الحصار والعقوبات وبالرغم مما تحملته من أعباء احتضان حركات المقاومة والتحرر في المنطقة والعالم سيكون ركيزة صلبة لمارد شرقي جبار سوف يتهافت إليه حملة الحقائب والعروض بعد سقوط الحظر الأميركي وهي لحظة وشيكة سنرى بعدها العجب العجاب لاسيما من نادي الانخلاع والتهتك العربي واللبناني المريض.
وسنتذكر آنذاك ما أبدعته العبقرية الرحبانية في لوحة ” الشيخ اللقيس ” المتثاقل المتثائب الذي يصل دائما متأخرا في مسرحية ميس الريم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى