بقلم غالب قنديل

فرص الانقاذ والنهوض من الكارثة

غالب قنديل
التعود والتكيف مع مفردات الكارثة جعل اللبنانيين في حالة ادمان مرضي للتعايش والمساكنة مع مظاهر انحلال الدولة وبكل بساطة بات اهمال الحاجة الملحة لإعادة بناء المرافق الوطنية العامة بديهية مسلما بها ولا يعطي أي من الأحزاب والقوى السياسية أهمية لفكرة احياء المرافق العامة في مختلف المجالات : الكهرباء والمياه والاتصالات والنقل وسواها بل ان معظم الأطراف باتت في مناطق نفوذها شريكة في بدائل تتخذ صفة الديمومة بتقادم الأمير الواقع ومعها مصالح وعائدات ومواقع نفوذ.
بحساب اقتصادي مالي بسيط للكلفة والعائدات يمكن القول إن اعادة البناء الوطني توفر الخدمات للناس بجودة وانتظام وبكلفة أقل لكن في تلافيف القوى السياسية النافذة مجموعات استفادت من الانهيار وباتت بصرف النفوذ السياسي وسطوة الأمر الواقع تتربع على “شنشول” مصالح وعائدات ومفاتيح تحكم وتأثير في سائر المناطق ولا نستثني منطقة أو جهة سياسية من التوصيف سوى المقاومة وحزبها.
يزعم جماعة الانخلاع الغربي أن المقاومة هي هو من أصحاب المصلحة في إدامة هذا الوضع لتحمي خصوصيتها في مناطق نفوذها والحقيقة أن حزب الله كان في طليعة الدعوة لإصلاح هياكل الدولة ومؤسساتها وقد قدم بتواضع شديد نموذجا عابرا للنسيج الوطني مناطقيا وطائفيا ومذهبيا في مبادراته الاجتماعية الإسعافية مؤخرا فلم تقف عند حد مذهبي وسياسي وعبرت إلى معظم اللبنانيين بكل إيثار ونبل.
الترحيب والتفاعل الشعبي الواسع الذي ظهر في سائر الأوساط اللبنانية يستحق ان يبنى عليه فلا يهمل سياسيا وإعلاميا بدافع التقيد بتقاليد التواضع والإيثار المميزة للمقاومة وحزبها ومن واجبنا لفت الانتباه إلى أن تطوير التفاعل الشعبي مع حزب الله والمقاومة وتعميقه خارج البيئة الشيعية هو اهم مستويات الاستثمار في معركة الوعي الوطني ولا ينتقص العمل على هذا البعد من نزاهة المبادرة وحصانتها الأخلاقية ولا من سوية التواضع والإيثار التي تميز حزب المقاومة وقيادته ومجاهديه في الالتزام والتضحية والغيرة الوطنية.
مع هذا التنويه المستحق اخلاقيا ووطنيا بأهمية المبادرة يجب التذكير بأن قيادات ومؤسسات حزبية تختزن ثروات طائلة في البنوك الأجنبية لحساب قادة وزعماء لم تحرك ساكنا وتصيدت فرص صرف النفوذ فبدت وضاعتها عارية مفضوحة امام حزب الغيرة والحمية والشهداء.
حجم الكارثة وأكلافها وتداعياتها أوسع وأكبر من أي معالجات جزئية وأكبر من طاقة الإسعافات الموضعية الممكنة وهي تتطلب خطة وطنية شاملة لإعادة البناء ووسائل غير تقليدية في التخطيط والإدارة ومن هنا نشأت فكرتنا عن إعادة البناء الوطني والتوجه شرقا إلى إيران وروسيا والصين.
كل ما أثير من خزعبلات وأكاذيب لتبخيس هذا التوجه لا يستحق غير المجارير والمزابل وسلال المهملات وعلى السيرة فإن في العروض الصينية ما يقدم حلولا بعيدة المدى في هذا المجال تمنع كارثة بيئية وصحية شاملة تتربص ببلد عاجز عن احتواء فضلاته ونفاياته وتستولد منها موارد مفيدة ومنعشة اقتصاديا عبر التدوير والتحويل والمعالجة.
هذا التصور ليس فرضية نظرية معلقة فقد طرحت علانية وبالتفصيل مبادرات ومشاريع واقتراحات تقدمت بها إيران وروسيا والصين شملت القطاعات الرئيسية من كهرباء ونقل واتصالات وسكك حديد وغيرها الكثير وآليات العمل التنفيذية والمالية محبوكة بمصالح متكافئة وندية يحفزها التضامن الأخلاقي والشرقي.
الشراكات الشرقية تفتح أفقا لبناء واقع اقتصادي مزدهر ومتطور بينما المراوحة في حضن الغرب اللصوصي ستقود لبنان من قعر إلى هوة أعمق لينشب أخطبوط النهب أذرعته في اقتصادنا النحيل المتهاوي ويتربع على الركام وكلاء وعملاء وأنذال بنسخ تقليدية ومودرن من أناجزة السفارات ورسل الانخلاع المعادي لكل ما هو وطني.
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى