بقلم غالب قنديل

كيف نكسر المتاهة اللبنانية في دوامة الاهتراء والعجز

 

غالب قنديل

يشبه الواقع السياسي اللبناني الثوب المهلهل فالمؤسسات في شلل تام والناس صاغرون وما يفاقم المرارة ايقاع المراوحة الثقيل في قعر الهوة السحيقة التي بلغها الوضع الاقتصادي والمالي شديد القتامة بينما تعيش البلاد في دوامة عجز سياسي داخل النفق المسدود ورغم تأثر معظم الناس بالاختناق المالي والاقتصادي تترنح البنى السياسية والحزبية المختلفة في حالة نضوب فكري وتناظر في العجز والعقم بحيث تنعدم المبادرات وتختفي الأفكار الجديدة من خارج سلة الوصفات المعلوكة والمستهلكة.

اذا كانت المقاومة هي الظاهرة الحية اليتيمة وسط الركام اللبناني فهي محاطة بفخاخ وفتوق شتى وكمائن ترصد واستنزاف تحركها منصات التدخل والاستثمار الأميركية الخليجية الساعية الى شيطنة المقاومة ومحاولة النيل منها وعزلها داخل المجتمع اللبناني لاستفرادها والتخلص منها أو الحد من قوتها وإشعاعها في البيئة الشعبية العربية.

 

تحتشد جهود رجعية شتى في الواقع العربي ضمن حملات استهداف حزب الله تحاشيا للحرج والفضيحة التي تتلبس المطبعين في حضرة المقاومين وهي شين يتلبس عواصم وحكومات عربية لا عذر لها سوى الرضوخ لمشيئة واشنطن وتنفيذ أوامرها وبعض المعنيين ربما يؤثرون تبرير أفعالهم باستكانة وعجز أمام الجبروت الأميركي وطغيانه ولكنهم يفترض أن يستشعروا نقيصة بأفعالهم أمام بلد مستباح ومستفرد كاليمن الصامد وسط الحرب والحصار والتجويع.

 

أما في لبنان فإن واقعنا السياسي يحاول ستر عورته بالفشخرة والادعاء المعيب فهذا الواقع الرث في لبنان هو الأثقل وطأة على الناس والمشكلة الأخطر من الكارثة هي شيوع استسلام مشين ومخجل وغياب أي جهد او محاولة لبلورة خطة للخلاص الوطني بعد الانهيار ويستبدل الكلام المفيد حول تشخيص المأزق وسبل تخطيه بتبادل اتهامات وتقاذف مسؤوليات والجميع يعلم ان الخروج من النفق يفوق طاقة جهة بمفردها وهو يستدعي جهدا جماعيا وخطة وطنية للحل الاقتصادي المالي واستطرادا السياسي.

 

في جميع التجارب التاريخية للدول المعاصرة ومن أسرة العالم الثالث تتحفز العقول لابتكار الشكل السياسي المناسب لحشد الجهود والطاقات الوطنية وبلورة برنامج وخطة عمل موحدة في سبيل تخطي المأزق وأول المهام هو التفاهم على برنامج الخلاص الوطني في حده الأدنى بناء على تقديم اولويات جامعة وغير فئوية وقد نشأت فكرة الجبهة الوطنية والائتلاف الواسع ما امكن انطلاقا من تلك الضرورة للنهوض بالتحديات وملاقاة الضرورات.

 

التوصيف يطابق الوضع اللبناني مما يرتب تفكيرا عاجلا بكيفية بناء جبهة وطنية للشراكة بين أطراف الطيف السياسي الوطني دون ابطاء ويفترض التحلي بمرونة كافية في الشكل والمضمون لتشبيك القوى واحتواء التعارضات وتجاوز الفوارق وتخطي العوائق وصولا إلى جبهة وطنية قادرة على تحقيق المهمة الراهنة والخطوة الأولى هي حوار جدي ورصين في العمق حول البرنامج والبناء التنظيمي لهذه الجبهة ومن هنا ندعو سائر القيادات الوطنية إلى بدء التشاور والتلاقي دون ابطاء وتكوين نواة تنسيقية موثوقة لوضع جدول الحوار والعمل المشترك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى