بقلم غالب قنديل

عملاء وجهلة وانتهازيون يبخسون التوجه شرقا  

غالب قنديل  

لبنان في دوامة سوريالية من الانهيار المالي والاقتصادي والفوضى السياسية العابثة والعقم الفكري والثقافي الذي يشي به قحط موحش بخلو صحفنا ووسائلنا المرئية والمسموعة من الأفكار الخلاقة وحس الابتكار الإبداعي والاستشرافي  سوى ما ندر بل إن بعض المعتوهين البلهاء خرجوا يسفهون فكرة التوجه شرقا وبعض تلك العاهات كانوا ينتحلون الانتساب إلى معسكر مساندي المقاومة ومحورها تمسحا بوهج انتصارها العظيم وإعجازها الذي فاق الخيال وقد أثار استغرابنا حقا بعض ما قرانا وسمعنا لبعض هؤلاء الذين لا يستحقون جدارة الخصومة الفكرية والسياسية حتى نسميهم ولذلك نفضل سحق ترهاتهم بالمنطق والحجة الدامغة لنحمي الناس من عبثهم ومن دسهم الفكري المسموم وحسبنا بالإمام علي بن أبي طالب سندا وحجة في كلامه عن مجادلة الجاهل ولنا في أصحاب المنطق والتفكير العقلاني عضد ونصير ضد العمى الانخلاعي لمستلبي التبعية والهيمنة التافهين الذين يحاولون التقليل من قيمة الفرص الشرقية المتكافئة اقتصاديا والواعدة تقنيا وهي المجزية والمجربة في عصرنا فاليوم وبعد التطور المدهش لصروح النمو الصناعي والتكنولوجي الشرقي التي يعترف بها الغرب ويصبو إليها ويطلب الوصل بدولها الصاعدة بعد الانجازات العظيمة للنهوض الصناعي والتطور التقني العظيم والمبهر في الصين وروسيا وايران القوة الشقيقة الواعدة في نهضتها الصناعية وثورتها التقنية والعلمية… حديثنا عن التوجه شرقا ليس فرضية نظرية وهذا التوجه هو حاضن التحرير والانتصار وملاحم الدفاع المنتصرة بتقنيات شرقية مدمجة جرى توطينها وتأصيلها في بلداننا بإبداع وابتكار مدهشين.

تربت أجيال لبنانية متعاقبة  في نظام تعليمي وتربوي موروث عن عهد الانتداب الفرنسي وقد جرى تنظيم تطعيمه بالأنكلوسكسونية مع تسيد الإمبراطورية الأميركية وسيطرتها على قيادة المعسكر الغربي بعد الحرب الكونية الثانية وتقدمها عن سواها من الحواضر والقوى الاقتصادية العملاقة في العالم المعاصر وكانت حركة تحديث المناهج التي جرت في لبنان بإشراف المركز التربوي تعبيرا عن هذا التحول العالمي وهذه الثنائية الغربية في تربية الأجيال ولدت ولاءات ثقافية ورسخت مسلمات ومفاهيم  كثيرة بعيدة عن أي انتماء وطني والمفارقة اللبنانية المدهشة هي ان هذا الواقع الأشوه تفتق عن قوة تحررية تفوقت في ابتكاراتها وفي تحدي المستحيل ودك دعائم الهيمنة الأجنبية في المنطقة وتحريك العدوى بالنموذج النضالي المشع الذي تسامى على ركام الهزائم والنكبات لكن الانخلاع الحضاري لم يتوارى ويستدعي عملا لزعزعته واقتلاع جذوره.

التوجه شرقا ليس أمنية رومنسية بل خيار واقعي ينبغي تمهيد السبل لتحققه والتقدم في مسار نهضة ممنوعة عن بلدنا بالاستتباع الاستعماري اللصوصي وبقوة طبقة تابعة سبق ان أباحت الوطن للعدوان الصهيوني فهل يعقل بعد انجازات المقاومة وما ولدته من تغييرات أن يبقى البلد مسترهنا في بنيان الاقتصادي ونظامه المالي ولم يستمر التعايش مع مركبات انفصام وازدواجية لا نرى لها أي مشروعية ولا تقنعنا كل التبريرات التي تساق وتحشد لتغطية قبولها … نشعر بمرارة شديدة ونرثي لحال بعض المحسوبين على الحلف الوطني الداعم للمقاومة ومن الحلفاء والأصدقاء الذين يكررون على مسامع الناس مثل هذه السخافات سواء بدافع جهل أم بسبب حسابات ورهانات ذاتية تقحمهم في دوامة ارتهان وتبعية يغالبونها ويحاولون طمسها بدخان كلامي لا طائل منه.

كفى كذبا وتعمية لحجز البلد الصغير في جحور نهب واستتباع وسد الطرق الرحبة للتطور الواعد بأكاذيب وأوهام واهية ينبغي سحقها وخنق الناهقين بها أيا كانوا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى