بقلم غالب قنديل

كلمة إلى الوزير الصديق الأستاذ جورج قرداحي

غالب قنديل

اليوم ستغادر مكتبك في مبنى وزارة الإعلام وتبقى في جميع الزوايا والمكاتب والممرات مسحة حزن كئيبة وغصة تخيم على الموظفين والعاملين وعلى الجسم الإعلامي الوطني فقد كان قدومك بشارة ومفاجأة سعيدة في زمن صعب ولذلك ندخل اليوم إلى المكان تظللنا الكأبة نلعن نظامنا السياسي العاجز عن احتمال تبعات موقف شجاع لفارس وإعلامي مميز ووطني مقاوم كان حازما وصارما في وطينته وعروبته وفي التزامه بقيم الحق والعدالة وقد بات رمزا عربيا للشجاعة والأصالة فهو صوت فلسطين واليمن وسورية والمقاومة ويعبر عن وجدان كل عربي حر شريف وكم نكبر ونحترم فروسية وشجاعة الوزير الصديق سليمان فرنجية الذي أعطى الفرصة وسيعطي غيرها كما نتوقع تقديرا لأصالتك ولتكون امكاناتك مدماكا في بنيان دولتنا الوطنية التي تحتاج لكفاءات وقدرات واعية يحصنها الالتزام الوطني والعربي ولنقاء وأصالة متميزة في الأمانة للمبادئ الإنسانية وللقيم الأخلاقية العليا.

لأن الزمن اللبناني صعب والشح في دولتنا ومؤسساتنا خانق كانت آمالنا معك على إحداث فرق والتقدم خطوات إلى الأمام بإعلامنا العام اذاعة لبنان وتلفزيون لبنان والوكالة الوطنية وانت صاحب تجربة وخبرة ريادية مهنيا وعلاقات واسعة عربيا يعززها اشعاعك المهني في تجاربك الإعلامية المشهودة بنجاحها وتألقها وقلما اختير في نظامنا لوزارة الإعلام أشخاص بمثل كفاءتك وغالبا كان وزراء الإعلام غرباء عن المهنة فتمنينا نهضة لمؤسساتنا ترفد إمكاناتها التقنية والبرامجية وتضفي لمسة خاصة في أثيرنا الوطني المرئي والمسموع بخبرتك وكانت لنا في المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع تطلعات كثيرة لما يمكننا أن ننجزه معا في الارتقاء بالقطاع الإعلامي وبدور المجلس وفاعليته وفي تطوير الأداء الإعلامي بروح القانون وضوابطه وقواعده الوطنية والأخلاقية.

 

تجعلنا هذه التجربة أشد حزما في نقد نظامنا السياسي المستضعف عربيا من أشقاء يملون الشروط ويتدخلون في الشؤون الوطنية السيادية لبلد مسالم يحاذر أي تطاول او تدخل في أي شان داخلي لأي دولة شقيقة لدرجة إحجامه عن مساندة شقيقته وجارته سورية التي تورطت حكومات خليجية شقيقة في تدميرها وتخريبها ومازال لبنان يحاذر القيام بواجبه نحوها وسيكون على الأرجح آخر العائدين إلى دمشق التي ظلت على مبادئها وفية لالتزاماتها ولكن هذا الموقف المشين هو نتاج نظام سياسي منخلع ومرتهن كما هو محكوم بفعل تركيبة ومزايا لبنانية ثقافية ومجتمعية تفسح مجالات واسعة نسبيا لحرية التعبير الإعلامي وتحمي الإعلاميين وتحصنهم نسبيا.

 

استضعاف لبنان هو وهم انظمة مخلعة ملحقة بالأجنبي الذي يستتبعها ويسوقها حيث يشاء على هواه في مغامرات وحروب مكلفة ولبنان الذي يملك حصانة المقاومة والانتصار على عدو يرعب العديد من الأشقاء ويطمع في اقتصاداتهم ويريد ان يستبيح أسواقهم وينهب مواردهم بينما بلد المقاومة التي أعزت شعبها وامتها وأذلت العدو بات مستضعفا مخنوقا يتعرض لابتزاز خطير في الشاردة والواردة ومن المؤسف ان يكون الواقع السياسي اللبناني كما العربي دون مستوى وجدارة البناء على منجزات المقاومة وتأثير وهجها المشع في المنطقة والعالم.

 

الصديق والزميل الحبيب في يوم مغادرة مكتبك في الطابق السادس من مبنى وزارة الإعلام نقول لك إن موعدنا متجدد في رحاب الوطن والعمل العام الذي نرجو منك ألا تبارحه وانت حيث تكون أنت الوطني العربي المقاوم تضيف وزنا وخبرة وتشرف الصفات والمناصب التي زهدت بها وقبلتها تلبية لنداء والتزام وطني والفرص القادمة رحبة وستبرهن فيها على قوة الالتزام وجدارة وكفاءة يحتاجهما العمل العام في مؤسساتنا ودولتنا ونداؤنا اليوم إلى اللقاء في محافل الكفاح الوطني أيها الفارس الشجاع مع خالص الحب والتقدير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى