بقلم غالب قنديل

تحية لذكرى المقاوم البطل خالد علوان

غالب قنديل

في مثل هذا اليوم من عام 1982 كان الغزاة الصهاينة في قلب بيروت بعد احتلالها واكتساح معظم الأراضي اللبناني. وقد خرج بطل من الحزب السوري القومي هو المناضل خالد علوان ليطلق النار على جنود الاحتلال في أحد مقاهي بيروت الشهيرة، وفي شارع الحمراء بالذات. وفي وضح النهار سدّد خالد علوان رصاصاته إلى جنود العدو في أحد مقاهي شارع الحمرا، فقتل ضابطا صهيونيا، وجرح عسكريَّين للعدو، واستطاع الانسحاب من المكان. بينما ساد الذعر والارتباك جيش الاحتلال، الذي باشر الإعداد فورا للخروج من أول عاصمة عربية يحتلها منذ عام 1948 بعد اغتصاب فلسطين.

أولا: رصاصات البطل القومي خالد علوان أخرجت الغزاة من عاصمة لبنان، ودشنت عهد انكسار الغزو الصهيوني بنضالات أبطال المقاومة من الحزب القومي والحزب الشيوعي وحركة امل وحزب الله، الذي أكمل الطريق الصعب بكل جدارة واقتدار حتى التحرير التام للأراضي اللبنانية من رجس الغزاة الصهاينة، وطوّر فعل المقاومة من التحرير الموضعي إلى الردع الشامل، وتكوين معادلات جديدة حامية للسيادة، شكّلت ثورة في الحياة الوطنية من خلال ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، التي أكدت جدارتها في اختبارات قوة متلاحقة، فكانت معموديتها الأخيرة المتوّجة بانتصارات باهرة في المعركة ضد عصابات التكفير والتوحش الإرهابي. وجدير التنويه بشراكة القوميين السوريين في تلك الملحمة القومية مجدّدا.

العملية التي نفذها بطل قومي في قلب بيروت عام 82 كانت مثالا لأهمية المبادرات الهجومية، ودورها في توليد ديناميات جديدة، وعكس اتجاه الأحداث. فعملية الويمبي أنعشت الشعور الوطني، وانتشلت الناس من كآبة وإحباط خيّما بعد انتشار صور جنود العدو وضباطه في شارع الحمرا، وانقلبت الأمور رأسا على عقب بعد حالة الذعر التي سادت صفوف الغزاة، الذين سرعان ما هربوا من بيروت، وراحوا يطلقون النداءات متوسّلين عدم إطلاق النار.

ثانيا: إن قيمة هذه العملية كانت في توقيتها، لأنها مبادرة هجومية كسرت حال الانكسار والإحباط التي رانت على لبنان والجماهير اللبنانية والفلسطينية، بل والرأي العام العربي بين المحيط والخليج، بعد الاجتياح الصهيوني ودخول العاصمة العربية الأولى منذ اغتصاب فلسطين واحتلال القدس.

رصاصات البطل القومي خالد علوان اخترقت جدران إحباط ويأس، وأنهضت أمل التحرير وروح التحدي والمقاومة في شباب لبنان وفلسطين وسورية، الذين شرعوا يبحثون عن سبل التواصل بفصائل المقاومة لطلب ضمهم إلى صفوف الشرف والدفاع عن الوطن والشعب والمشاركة في القتال ضد الغاصبين الغزاة. وتلك البذرة التي تعاظمت من روافد وطنية وقومية عابرة للطوائف والجنسيات والحدود، هي التي صنعت النصر التاريخي على الاحتلال الصهيوني، وفرضت جلاءه التام دون قيد أوشرط. وقد تجدّدت فصول الملحمة مؤخرا في مجابهة العدوان الاستعماري على سورية بواسطة عصابات الإرهاب التكفيري، فوجدنا في الميدان أبطالا من لبنان وفلسطين ومن سورية، يقاتلون ويستشهدون دفاعا عن سورية وشعبها وعن الأمة كلها. وهذه الحقيقة القومية التاريخية تشهد لطليعية حزب الله ودوره التاريخي في الشرق العربي إلى جانب حليفه الموثوق الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي ظلّ قوة حيّة ولّادة للمناضلين والأبطال، ومدرسة للتضحية والبطولة على خطى سعادة. وهده حقيقة ناصعة في تاريخ المنطقة كشمس سورية الساطعة.

ثالثا: كلمتنا لجميع السوريين القوميين تتخطى تحية الاحتفال في ذكرى بطولة وشهادة، بل هي نداء ودعوة رفاقية للتعالي على كل ما يباعد رفاق النضال السوري القومي. فهذا الحزب المناضل العظيم والعريق، الذي أظهر ثباتا على المبادئ وروح التضحية، جدير بالحياة، ولا تليق به أي حال انقسام أو ركود وتشتّت. ويقينا إن الحزب الحيّ بنبضه وروحه يستحقّ كلّ الاحترام والتقدير. وكلّ الأمل بأن يسترد عافيته بتوحيد الصفوف تحت لواء رسالته القومية التحررية. ومن واجبنا الوطني الثوري أن نحثّ الرفاق القوميين على نهضة متجددة، فهم كما قال سعادة، روح الأمة الذين تربوا على أن أرواحهم هي وديعتها، ومتى طلبتها وجدتها. واليوم نداء الأمّة للقوميين، هو دعوة لوحدة الروح ونهضتها لتنهض الأمة وتنتصر. ويتوجّب التنويه أننا نتطلع إلى الدور الريادي للرفيق المناضل أسعد حردان ورفاقه، وقد أثبتوا في جميع المراحل وخلال عقود، أنهم الثابتون على المبادئ التحرّرية القومية لا تهزّهم التحولات والتبدلات الظرفية في جميع الأحوال والتحولات. ونعتقد جازمين، بأنهم قادرون وجديرون بلمّ شمل القوميين ورفد النضال الوطني بقوة متجدّدة، وزخم لا حدّ له. وكلمتنا لمن يختلفون مع الرفيق أسعد ويخالفونه، أن ما تحسمه حقائق الحياة، يجب أن يُكرّس في حزب الحياة، كما أراده الزعيم أنطون سعادة. وقد برهنت المحن على أن القوة القومية الطليعية التي يقودها الأمين أسعد حردان، هي الجديرة بحمل راية سعادة وفكره ورسالته القومية التحرّرية، ولا لزوم للمكابرة والذاتيات المتضخّمة على حساب القضية القومية، والباقي تفاصيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى