بقلم غالب قنديل

المبادرة الهجومية في سورية هي التحدي الراهن

غالب قنديل

وسط الصخب والضجيج تتقدم الهموم والمتاعب المعيشية وتولد استنزافا معنويا ونفسيا يضعف وهج الصمود وعائده المعنوي حيث تطغى الهموم المعيشية في يوميات الناس ويظهر أي تفكير عقلاني أن سورية هي قلب الشرق ومنها ترتسم آفاق المرحلة القادمة في المنطقة كلها.

أولا رغم ما تمخضت عنه سنوات الصمود والمقاومة من نتائج مبهرة من الزاوية الدفاعية العامة فإن الإحباط والتعب يهددان الوعي الشعبي في ظل المخاوف من استنزاف طويل توحي به تدابير الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي ومظاهر المعاناة المتفاقمة التي تنعكس على الحالة المعنوية بداهة نتيجة شراسة الخنق الاقتصادي مع النزيف المتواصل في توازنات قلقة ومعارك غير منتهية يسعى الغرب لتحويلها إلى ثغرات تسلل واختراق واستنزاف وتأثير على الحالة المعنوية بصورة تهدد معادلات القوة وهذا قائم ومستمر بصورة منظمة في بلداننا بالتوازي مع مسار الحرب على سورية حيث تلاقت في الخطة الاستعمارية محاور الغزو العسكري والاحتلال إضافة إلى تحريك عصابات التكفير والجماعات العميلة على الأرض وحتى الساعة ما تزال هذه النماذج المتعددة لحروب الغزو والاحتلال والاستنزاف والقيادة من الخلف متجاورة على المسرح السوري إلى جانب الحروب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية المنظمة.

ثانيا الخطوة الاستراتيجية الراهنة والملحة هي تحرير ما تبقى من بؤر ومناطق خارج سيطرة الجيش العربي السوري وأيا كانت الظروف والاعتبارات لأن الحسم الميداني سينهي الكثير من مصادر الاستنزاف ويوقف تراكم الخسائر الاقتصادية والبشرية كما يقرب أجل النهوض الوطني الشامل لسورية وينعش الثقة الشعبية بالدولة الوطنية والجيش العربي السوري ويعزز مباشرة فرص احياء الدورة الاقتصادية بجميع فروعها ومستوياتها ويطلق حالة ايجابية معنويا على مستوى جميع أطراف العملية الاقتصادية في البلاد وحيث تقود الثقة برسوخ سيطرة الجيش العربي السوري وتصفية بؤر الاستنزاف إلى تحريك الدورة الاقتصادية والعمرانية وسد جميع منافذ الاستنزاف المتخيلة في دوائر التخطيط الاستعماري الرجعي ويجب افهام الأصدقاء والشركاء بان التردد والتأخير في مسارات الحسم لأي اعتبار كان سيكون على حساب سورية وشعبها ومستقبلها.

ثالثا من الواجب اتخاذ المبادرات العاجلة للنقاش مع كل من القيادة الإيرانية والروسية في الكلفة المترتبة على تأخير الحسم النهائي والتحذير من التباطؤ والتماهل واستبعاد أي رهانات أو حسابات قد تضع سورية في حالة انتظار معلقة مع الظروف الحاضرة وكلفتها التراكمية وعلى جميع الحلفاء ان يحسبوا عائدات الصمود السوري عليهم وأقلها كسر غزوة التكفير وحروب التوحش في ذروة اندفاعها ومنع تمددها وفضح ألغازها وتعرية جميع ادواتها ولولا هذه النتائج التي حققتها سورية منفردة بصمودها وبدماء شعبها وأبطال جيشها لكانت جميع دول الشرق غارقة في دوامة الخراب والموت وعلى الجميع ان يعلموا ان سورية دفعت منفردة كلفة باهظة لصمودها الأسطوري قبل انخراط أي من الحلفاء الذي قدموا تضحيات جزيلة ولا يجوز اخلاقيا ومبدئيا ان يسمحوا ببقاء قلعة الشرق الصامدة تحت الاستنزاف بدلا من المبادرة لتعجيل الحسم العسكري وانطلاق النهوض والتألق السوري بعد النصر النهائي وعندها ستثبت القلعة السورية بسرعة قياسية جدارتها بالشراكات التي تفيض بخيرها على الشرق كله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى