بقلم غالب قنديل

من يلاقي السيد إلى مبادرات الإنقاذ والنهوض؟

 

غالب قنديل

يكتشف الرأي العام اللبناني بجميع طوائفه وتياراته وميوله السياسية والحزبية جوهر ما تمثّله المقاومة، وما يجسّده قائدها من قوة ورصيد تاريخي حاسم، يتأكّد ويتبدّى شامخا نوعيا، في زمن انهيار كارثي، ومخاطر متراكمة اقتصاديا واجتماعيا، بعدما بات الجوع والفاقة يجاوران يومياتنا، ويستوطنان كوابيس القلق المقيم في الليل والنهار. ومجدّدا يخيم الجحود والإنكار في خطبِ و”نقيق” القلّة العميلة المخلّعة من النخب السياسية والقيادات والأحزاب المرتهنة للأجنبي، والتي عادت المقاومة وحزبها، وتنكّرت لتضحياتها وشهدائها ولإنجازاتها طيلة عقود، من غير أن يفلح هذا النكران القبيح، ومعه التربّص الاستعماري الصهيوني، وتحريض العملاء وأبواق الرجعية العربية المتعفّنة في مستنقع المذلّة والتبعية، في فتّ عضد المقاومة أو توهين عزم هذا القائد النبيل والشجاع على اقتحام المستحيل، وهو يعامل الكارثة الحاضرة كما فعل ورفاقه في مجابهة العدو غداة الاجتياح الصهيوني، والانهيار الكبير والمريع لجحافل المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية على الأرض. بينما انبرى فتيان شجعان بقيادة أسد المقاومة العظيم وبطل النصرين الحاج عماد مغنية لرفع شعلة التحرير، التي توهّجت بدماء الشهداء وبطولاتهم، بجميع مشاربهم وأحزابهم، من حركة أمل والحزب القومي والحزب الشيوعي وحزب البعث وسواهم.

 أولا: استوقفنا ما كشفه القائد نصرالله عن صفحات كانت مكتومة حول مشاركة القائد الشهيد سليماني العظيم في معارك الدفاع عن لبنان منذ عقود، ونرجو أن تظهر مبادرات لتوثيق تلك الصفحات الخالدة والمهمة من تاريخنا، وتعريف الناس بها، وبما قدّمه ضبّاط وقادة من الحرس الثوري الإيراني، وأبطال من ضباط وجنود الجيش العربي السوري في مسار المعارك والحروب المتلاحقة دفاعا عن لبنان خلال العقود الماضية. ومن المؤلم أن يكون ما كُتب ونُشر حول ذلك قليلا جدا..

تلك الدماء العزيزة الغالية عمّدت شراكة ووحدة مصير، توجّها عرس الانتصار الكبير على الاحتلال الصهيوني، الذي فرّت جيوشه مذعورة، وما نزال في فيض ذلك الحدث العظيم،  نزهو وننعم بثبات الرّدع، الذي يكبل العدو، ويكسر غطرسته، بعد إلحاق الهزائم بجيوشه، فيضمن حماية استقرار الوطن وفرص البناء والنمو المغدورة والمحاصرة. بينما تفكِّك منظومة المقاومة وساحاتها المتساندة شباك الغطرسة الواهية والتهديد الدموي بكل ثبات واتقان وتواضع، فيعانق طوقُ الحماية وعدَ القيامة رغم الكارثة.

ثانيا:  المبادرة النوعية التي اتخذها قائد المقاومة في مجابهة الانهيار الخطير أحيطت بصمت القبور، الذي يُبطِن تربّصا وشبهة عرقلة واعتراض، وهذا فعل آثم وخطير، يقدم عليه أوباشٌ وعجزة وتافهون  من رواد الصالونات والسفارات وطحالب الحوشي ودجالي الشاشات. وعذرنا في هذا الوضوح المؤلم، الذي قد يعدّه البعض جارحا، أن كارثة البلد بلغت دركا، لم تعد جائزة معه أيّ مداراة أو مجاملة. بل إن الوضوح والصراحة يختصران طريق الحلول والمعالجات المنشودة. ولا نجد ما هو أقبح من تعفّن البلد بفعل منع الحلول تحت وطاه ابتزاز وعمالة وارتهان للأجنبي، لا عذر فيها لأيٍّ من اللبنانيين، ولا نأسف لتسمية العاهات بأسمائها، فلا خفر في إدانة العمالة الوقحة، ولا مجاراة لمن يحرسون الكارثة المفجعة ومسبّباتها.

ودوافع المعترضين والمشككين أو الصامتين، ممن أخرستهم الصدمة والدهشة، أمام قدرة هذا السيد الإبداعية، ورصيده الهائل عبر الحدود، لتنعقد عنده وباسمه موارد وفرص لا توصف، فيها الفرج لشعبه من ضيق أو ويل، وهو المنذور بمحض اختياره للتضحية في سبيل أهله وبلاده، وتضجّ الآفاق بمأثره العظيمة منذ عقود، ولم يطلب حمدا ولا شكورا، رغم سكاكين الغدر وأبواق التشويش التافهة المقرفة، التي ما زال على تعامله معها بنبله وترفّعه العظيم.

ثالثا:  إن الآفاق التي يفتحها وعد القائد اقتصاديا ومعيشيا واسعة رحبة وعظيمة. ونحن نعرف بعضا مما يتوافر له من علاقات، ومن قوة تأثير وإقناع في روسيا وإيران وسورية والعراق، بل وفي الصين كذلك. وهذه المراكز الإقليمية والعالمية القوية الجبارة والصاعدة اقتصاديا وسياسيا، تجمع بين الإمكانات ونزاهة الدافع إلى المساعدة، وروح الشراكة الندّية بدون إملاءات وضغوط، ولها مصالح جيوسياسية في عدم سقوط لبنان في براثن الحلف المعادي، وتحويله إلى بؤرة عدوان واستنزاف، سترهق المحيط الشرقي القريب والبعيد، ولن تبقى أيٌّ من عواصم الشرق في منأى عن شرورها. بل إن جميع أخوة الشرق هم أصحاب مصلحة في نهوض بلدنا، وما علينا سوى تحويل التهديد إلى فرصة تاريخية، ستعمّ نتائجها المفيدة سائر اللبنانيين بدون استثناء.

نأمل أن تتوسّع دوائر الحوار والنقاش في التفاعل مع مبادرة القائد الشريف، وأن ينطلق الوطنيون، فيشمرون عن سواعدهم إلى ميادين العمل التعبوي والنضالي، لبلورة حركة هادرة في البلد. وليكن ذلك هو العنوان المركزي لكل عمل وطني سياسي وشعبي في يومياتنا المقبلة. فوعد الخلاص والبناء الجديد للقيامة من هوة سحيقة، يستحق كل عناء وتضحية، وهو واجب طبيعي على أي وطنيّ لبنانيّ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى