بقلم غالب قنديل

الثورة الإيرانية والتحوّل الذي فرضته في المنطقة والعالم

 

غالب قنديل

شكّل انتصار الثورة الإيرانية بقيادة الإمام آية الله الخميني نقطة تحوّل تاريخية في الشرق والعالم. والعقود التي مرّت على ذلك الحدث التاريخي تؤكد بما لا يقبل الجدل أن هذه الثورة شكلت عامل التغيير التاريخي في الوضعين الدولي والإقليمي، ورافدا لحركة التحرّر العالمية من الهيمنة الاستعمارية.

 

أولا: إيران اليوم هي قلعة حرّة قوية ومستقلة ونامية، وهي حضن حقيقي لأحرار الشرق، وبالذات لجميع الأحرار في البلاد العربية، على قاعدة الإخاء ووحدة الأهداف التحرّرية وتشابك المصالح بين الشعوب، وهي القوة المساندة لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، التي بذلت تضحيات جمّة خلال العقود الماضية في سبيل نصرة شعوب المنطقة وحركات التحرّر.

البصمة الإيرانية القوية حاضرة في لبنان وفلسطين، وفي دعم الصمود السوري ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية. وهذا فعل تحرّري تاريخي، يسطّره الإيرانيون بكلّ شرف وإباء وتواضع، وفقا لمنهج ثوري تحرّري أرساه الإمام أية الله الخميني ورسّخه القائد الخامنئي، وتضامن في تحقيقه شعب إيران العظيم، مثبّتا قواعد الإخاء بين شعوب الشرق في مناهضة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية.

ثانيا: أثبت صمود التحالف القوي بين سورية وإيران منذ انتصار الثورة حقيقة أن جمهورية إيران الإسلامية تمثّل نصيرا للقضايا العربية وسندا لإرادة التحرّر في الوطن العربي، وهي تتطلّع الى التكامل مع أحرار العرب في خدمة المصالح المشتركة ضد الاستعمار والصهيونية. وقد جسّد ثبات التحالف السوري – الإيراني منذ انتصار الثورة، وتحولّه الى شراكة استراتيجية كاملة، بعد نظر تاريخي عند قيادتي البلدين. فقد جسّد انتصار الثورة في نظر القائد الأسد نجدة تاريخية للحق العربي ولقضية فلسطين وللأمة العربية عموما، ولذلك، ومنذ اللحظة الأولى لانتصار الثورة، كان الموقف السوري واضحا، لا يحتمل النقاش في دعم الشعب الإيراني والثورة الإيرانية.

سورية اليوم تجسّد هذا التلاحم بقوة وبمصداقية عالية، وهي تجد في الجمهورية الإسلامية شريكا استراتيجيا في مقاومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على البلاد العربية. وهذا النموذج من الشراكة بين دمشق وطهران، هو مثال يُحتذى في العلاقة بين الدول الحرّة، على قاعدة المصالح التاريخية المشتركة واحترام الخصوصية ومقاومة الاستعمار والصهيونية.

ثالثا: الثورة الإسلامية في إيران، التي قادها الإمام آية الله الخميني، والجمهورية الإسلامية التي قامت، تمثّل اليوم بقيادة الإمام الخامنئي قلعة تحرّرية كبرى داعمة لقضية فلسطين ولحركات المقاومة في المنطقة، وهي شريك أساسي لسورية العربية في خيارها التحرّري القومي. وبهذا المعنى فإن الأخوّة العربية – الإيرانية تطوّرت وتنامت بقوة خلال العقود الماضية منذ انتصار الثورة. وهذا بذاته كسب عظيم للأمة العربية ولحركة التحرّر المناهضة للهيمنة الاستعمارية.

إن الاحتضان الإيراني لقضية فلسطين ولحركات المقاومة شكّل تغييرا استراتيجيا في البيئة الإقليمية، ورجّح معادلات الصمود وإرادة التحرّر بتضحيات إيرانية جليلة، يشعر الأحرار العرب أمامها بالعرفان والاحترام لبلد شقيق، لا يبخل في التضحية من أجل القضايا المشتركة. ونحن في لبنان ندين لإيران بما بذلته من تضحيات في دعم المقاومة وفعلها التحريري الوطني، ومساندتها لصمود الشعب اللبناني دون قيد أو شرط، بل ورغم ما تتعرض له أحيانا من افتراءات ومظالم على يد بعض الأطراف اللبنانية، التي ليست سوى الصدى للمشيئة الاستعمارية الرجعية في المنطقة، ورغم ذلك لم تتأثر حرارة التضامن الإيراني مع لبنان والمقاومة. وما زال الاستعداد الإيراني لتطوير العلاقات الثنائية ومستوى الاحتضان والدعم لاقتصاد لبنان يُقابل بسلبية لبنانية، وبإحجام للحكومات المتعاقبة عن أي مبادرة إيجابية لتطوير الشراكة مع إيران خشية الغضب الاستعماري الغربي والحكومات الرجعية العربية.

إن لبنان مدين للدعم الإيراني الكبير لحركات المقاومة وللشعب اللبناني. وقد شكلت إيران الظهير والشريك في تطوير المقاومة ورفع قدراتها، التي تمثّل اليوم قوة الردع والحماية، التي تحصّن لبنان وتحميه من الاستباحة الصهيونية. وبفضل إيران ودعمها يحظى اللبنانيون بدرجة عالية من الأمان، نتيجة الردع الذي تقيمه المقاومة بدعم إيراني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى