بقلم غالب قنديل

المجد لأبطال الشرق من الإخوة الإيرانيين

 

غالب قنديل

بتوجيه من الإمبراطورية الاستعمارية الأميركية ومن عملائها وأذنابها في الشرق تُشنّ حملات قديمة جديدة ضد حركات المقاومة والتحرّر في منطقتنا، وتُسوَّق تهمة الارتباط بإيران كغلاف لعملية تزوير واسعة وخطيرة تقوم على قلب الحقائق.

 

أولا: من اللحظة الأولى لانتصار الثورة الإسلامية في إيران أعلنت طهران صراحة التزامها بفكرة وحدة النضال التحرّري، وبحتمية وحدة شعوب الشرق في مجابهة الهيمنة الاستعمارية اللصوصية والعدوان الصهيوني الاستعماري على منطقتنا وشعوبنا. وهذا ما عبّرت عنه طيلة العقود الماضية خطب القادة الإيرانيين، ولا سيما الإمام الخامنئي وسائر المسؤولين في الجمهورية الإسلامية، الذين بنوا على هذه القاعدة رؤية إيران السياسية لمستقبل الشرق والعالم بأولوية التصدي للهيمنة والنهب اللصوصي. كما أكدوا التضامن المبدئي والميداني، والالتزام غير المحدود بدعم حركات التحرّر. ومنذ قيام الجمهورية الإسلامية، التي تتعرض للحصار طيلة عقود، جرى بناء القدرات والإمكانات الإيرانية الاقتصادية والدفاعية بروح الاستقلال، وبرسالة التضامن الأممي مع الشعوب المضطهدة، والاستعداد لتقديم التضحيات والشهداء في معارك الدفاع عن المضطهدين في العالم.

هذه العقيدة الاستراتيجية شكّلت محور السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، وعبّرت عنها الطروحات الفكرية والثقافية وسلسلة المواقف والمبادرات العملية، التي اتخذتها مؤسسات الجمهورية على اختلافها. وحققت القيادة الإيرانية حالة راسخة من الوعي السياسي والثقافي لدى شعبها، وفّرت الأساس لاستعداد الإيرانيين لتحمّل التضحيات في سبيل التضامن مع الشعوب المضطهدة في الشرق العربي والإسلامي.

ثانيا: إن رسالة إيران ومبادراتها التحرّرية وتضحياتها في سبيل شعوب الشرق تمثّل بادرة عظيمة، تستحق الاحترام والتقدير والوفاء من جميع شعوب منطقتنا، التي تشهد تصدّع الهيمنة الاستعمارية، وارتخاء قبضة القتل والاضطهاد بفعل القوة الصاعدة لمحور المقاومة، ولعماده المركزي وسنده الكبير المتمثّل بالجمهورية الإسلامية. وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تُبنى عليها ثقافة وحدة المصير بين شعوب المنطقة المناضلة من أجل التحرّر، والمتطلّعة الى التخلّص من نير النهب اللصوصي والاضطهاد الاستعماري، الذي يطبق على الأنفاس في منطقتنا.

إن ما تبغيه إيران من دعمها لحركات المقاومة والتحرّر في منطقتنا، هو المساهمة في بناء معادلة جديدة، تنهي عهودا من الهيمنة اللصوصية الاستعمارية الغربية على الشرق وشعوبه، وتحقّق آمال تلك الشعوب بالتحرّر الناجز من الاستعمار، وتصفية النفوذ الاستعماري وقواعد العدوان المنتشرة في المنطقة لصالح الاستقلال والاتحاد الحرّ بين الشعوب المتطلعة الى مستقبل أفضل بعد تصفية الهيمنة وقواعدها.

ثالثا: المشروع الإيراني التاريخي التحرّري في المنطقة شكّل نسيج الشراكة بين المقاومين العرب والثورة الإيرانية العظيمة، التي خصّصت قسما كبيرا من مواردها ومن جهودها ومن شبابها لمؤازرة المقاومة العربية المعادية للاستعمار. وهذا فضل عظيم وإسهام تاريخي لا يمكن أن ينساه أيّ مقاوم عربي حرّ في هذا الشرق، ويرفضه ويجحده عملاء الاستعمار وضحايا التضليل الاستعماري الصهيوني.

إن كلمة السيد نصر الله قائد المقاومة البطل عن هذا البعد في معركة الشرق العربي، وإشارته الحاسمة الى دور إيران والقادة الإيرانيين السياسيين والعسكريين في ملحمة التحرّر العربي من الهيمنة، تمثل جميع أحرار الشرق، وبالذات كلماته عن دور القائد الشهيد قاسم سليماني في ملحمة التحرّر والمقاومة طيلة الأعوام الماضية. وهو بذلك يرسّخ في وعي الأجيال حقيقة واضحة بنقاء الدم الزكي، ويجب أن تكون محورا حاسما في إعادة بناء الوعي والثقافة الوطنية والقومية للأجيال القادمة. فالقائد سليماني القادم من إيران ترك وراءه بلدا بنى صروح مجد وطني في ما فعله دفاعا عنه، وجاء الى بلداننا ليسهم في معركة أخرى، هي تحريرنا من نير العبودية الاستعمارية، وإنهاض إرادة التحرّر، وإسناد المقاومين الأبطال في مجابهة الحلف الاستعماري الصهيوني. وهذا القائد، الذي استشهد على الأرض العربية بعد سنوات من القتال البطولي، يجب أن يُخلّد لدينا، نحن أبناء الشرق العربي، الذين يواصلون النضال، ويراكمون خلف القائد نصر الله ورفاقه وسواهم من أبطال الشرق مزيدا من الانتصارات بفضل الإرث النضالي التحرّري، الذي أرساه القائد سليماني ورفاقه الأبطال. وهذا سرّ الشرق العظيم، الذي يسير نحو انتصاره وتحرّره الناجز مهما طال الزمن أو بلغت التضحيات. والخيار البديل عن طريق المقاومة هو الرضوخ لعبودية الهيمنة الأميركية الصهيونية بكلّ ما فيها من قهر ولصوصية وقمع دموي لشعوب منطقتنا. ولذلك علينا أن نكافح بكل ما نملك لنرفع راية الحرية عاليا، ولنُخْرِس أبواق العمالة ومرتزقة الاستعمار.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى