بقلم غالب قنديل

جبهة الجولان تؤرق الصهاينة

غالب قنديل

ليس قادة الكيان الصهيوني بحاجة لمن يروي لهم فصولا مضت من المعارك بين قواتهم والجيش العربي السوري، تركت ندوبا وذكريات مؤلمة لدى العسكرية الصهيونية. وهم ينظرون بقلق الى ما يعتمل على جبهة الجولان بما يعرفونه من حجم التنسيق والتكامل بين الجيش العربي السوري وحزب الله المقاوم والحرس الثوري الإيراني.

أولا: يخشى الصهاينة، في هذا المشهد، أن يتحقق التكامل الفعلي في الميدان بين الإمكانات والخبرات التي يكتنزها الحفاء الثلاثة، إيران وسورية وحزب الله. وهم يراقبون بقلق شديد مسار التعافي السوري السياسي والعسكري، وحجم التنسيق بين حلفاء محور المقاومة على الجبهة الأخطر في الحسابات الصهيونية، والتي باتت تركز عليها دوائر الاهتمام والتخطيط والعمل اللوجستي منذ فترة بعيدة بوصفها أحد مصادر الخطر ومكامن قوة لمحور المقاومة. وهذا التحدّي يُعتبر في العرف الصهيوني أشدّ فتكا وخطورة من سواه، ولذلك يحظى بثقل رئيسي من عمليات التخطيط والإعداد العسكري والأمني، لأنه يشهد تكامل جهود أطراف محور المقاومة سورية وإيران وحزب الله.

 الاهتمام الصهيوني واضح للعيان بحشد إمكانات لوجستية كثيفة على جبهتي الجولان وجنوب لبنان. وتخشى قيادتا العدو العسكرية والأمنية من أي بادرة استطلاعية أو أمنية داخل الأراضي اللبنانية والسورية على هذه الجبهة. وهذا ما يفسّر الحفاظ على سخونة الجبهتين من خلال الاعتداءات المتكررة وعمليات الاستطلاع المستمرة، خوفا من أي تطور مفاجيء.

ثانيا: حتى الآن لم تصدر أي بادرة سياسية عن محور المقاومة، تشير الى استعدادات هجومية. فالمحور في حالة دفاع استراتيجي ضد الحلف الصهيوني – التكفيري وأدواته. ورغم ذلك يأتي التصعيد من جانب العدو بوصفه حركة وقائية، لمنع تثبيت أي مواقع جديدة تُكسب حلف المقاومة قدرات هجومية على جبهة الجولان. وقد تصاعد هذا السعار الصهيوني على هذه الجبهة مع ظهور بوادر التعافي السوري، واستعادة الجيش العربي السوري لقدراته، ونجاحه مع حلفائه في حزب الله والحرس الثوري الإيراني بإحباط الفصول الأخطر من الغزوة التكفيرية، التي راهن الصهاينة على نجاحها في شلّ سورية واستنزاف جيشها، والحدّ من قدراته، التي كانت دائما محور اهتمام تل أبيب، خصوصا بعدما اكتسبته من إمكانات وخبرات في السنوات الأخيرة.

وهكذا تظهر الأهمية المضاعفة للجبهة السورية مع العدو الصهيوني في الحسابات الاستراتيجية الأميركية والأطلسية. فإذا انتقلت دمشق ومحور المقاومة الى وضعية هجومية على تلك الجبهة، واستطاعت مراكمة الإنجازات، يمكن أن تقلب المعادلة الكبرى في الشرق. وهذا سرّ الحرص الأميركي الصهيوني طيلة العقود الماضية على إبقاء سورية تحت ضغط استنزاف مستمر اقتصاديا وعسكريا.

ثالثا: إن تعافي سورية هو مسار قد انطلق، ولم يعد بمستطاع الغرب وعملائه الحدّ من اندفاعه، رغم كل العرقلة، التي يعوّل عليها الأميركيون وعصابة الناتو من خلال العقوبات والحصار وعبر الضغوط. فالإرادة السورية المقاومة والتحرّرية تزداد صلابة وقوة. والعمق الشعبي الواسع لزعامة الرئيس بشار الأسد، ورصيد الدولة الوطنية في المجتمع العربي السوري يتعاظم. ويبدو لكل من يتابع أن القلعة السوية شرعت تستعيد عافيتها بعد الحرب التي شُنّت عليها. وسيكون أعداء سورية أمام استحقاق الحساب والعقاب كلما قطعت أشواطا جديدة من التعافي، الاتي لا محالة، ومعه تعاظم القدرات والخبرات التي راكمها الجيش العربي السوري المحتضن من شعبه خلال سنوات الحرب الأخيرة.

إن الوضع الإقليمي الجديد الآخذ بالتبلور مع تقدّم مسيرة نهوض سورية سيُحدث انقلابا كبيرا في معادلات المنطقة والعالم. فالشرق سينهض من حول القلعة السورية بجبهة تحرّرية، تتشابك فيها الإمكانات والجهود، وتندمج روافد القوة، لتكتب تاريخا جديدا لحركة التحرر. وهذا هو الغد الذي تؤرق كوابيسه كلا من واشنطن وتل أبيب، والغد لناظره قريب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى