بقلم غالب قنديل

أعدّوا دفتر شروط إعادة البناء

غالب قنديل

تصلُح دروس التجارب التاريخية مصدرا لتكوين صورة عن دفاتر الشروط في التعامل مع الغرب، وعن الأطماع اللصوصية ورغبته بالسيطرة على الموارد والأسواق.

 

لبنان الذي هُشّمت بنيته الاقتصادية المدمّرة سيواجه قريبا معضلة نضوب الموارد، وقد باتت هياكله الاقتصادية شبه مدمرة وكسيحة. فما نحتاجه واقعيا، هو خطة وطنية شاملة لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، وعبثا هدر المزيد من الوقت والجهد بعيدا عن وضع الخطة الوطنية لإعادة البناء، من غير تأخير أو إبطاء، ومباشرة العمل على أساسها.

الراهن اليوم هو اتخاذ القرارالوطني حول برامج إعادة البناء، الذي يجب أن يكون وضعه أولوية وطنية حاسمة، لا يتقدم عليها أي هدف آخر.

من أخطر ما يواجه لبنان هدر المزيد من الوقت في عملية تجريب غير مجدية، تُبنى على أوهام استعادة الازدهار الخدماتي السابق ببعض ألعاب الفهلوة لتدبير الحال. وهذا الأسلوب هو في الواقع نوع من التذاكي الخطير على الانهيار الحاصل، ورهان على شراء الوقت. بينما ما يجري هو هدر للوقت، ولا يوفّر شيئا من تبعات وآلام الانهيار المتواصل.

إن أوهام البعض حول إمكانية شراء الوقت بالشطارة والفهلوة، وعن طريق المزيد من الاستدانة، هو تصميم على لعبة لحس المبرد بدون أي طائل. فالوضع اللبناني بات يتطلب إجراءات جراحية غير تجميلية، ومن خارج وصفة المعالجة بالمسكنات.

إن إعادة بناء الثروة الوطنية تطرح الحاجة الى خطة لإحياء الموارد الوطنية، ولترميم مصادر الإنتاج على أساس مخطط وطني جذري، يحدّد التوجهات الاقتصادية القطاعية المجدية، والشراكات التي لا غنى عنها في إعادة بناء الثروة. وخارج هذا السياق فإن كلّ جهد يُبذل هو من قبيل إضاعة الوقت وهدر الجهود من غير أي طائل أو جدوى. فلبنان يعيش في سباق مع الزمن، وأمامه مفترق خطر بين الخراب الشامل وفرص الإنعاش والازدهار.

إن غالبية النخبة السياسية تبدو وقد أدمنت لحس المبرد، أي تقطيع الوقت بما تيسر دون الالتفات الى الكلفة الحقيقية المتراكمة من الديون والفوائد، التي تجعل كلّ يوم جديد أعلى كلفة وأشدّ صعوبة. فإذا كان البلد قد اجتاز مراحل سابقة، وتحايل عليها بمزيد من الديون، فإن ما نحن إزاءه اليوم هو أقرب الى حالة نضوب للثروة، سوف تفرض مزيدا من الانهيار في مستوى الحياة المتاحة للمواطن متوسط الحال، ولا نقول محدود الدخل أو الفقير، والحصيلة كارثية.

إن أي عاقل يسأل عن الحلول والمخارج لن يجد إجابة خارج مشروع وطني شامل لإعادة بناء الموارد، وتصحيح المسار الاقتصادي برمته والعمل على أسس جديدة.

إن منطق التفكير الجديد بمشروع لإعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي هو طريق الخلاص، وكل ما عداه هدر للوقت وللفرص. ويقينا إن آلام البدايات الصعبة ليست بمقدار كلفة الكارثة المقبلة وما سينجم عنها من خسائر ومصائب لا حصر لها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى