بقلم غالب قنديل

ماكرون وشينكر وشبكات القوى الاحتياطية

غالب قنديل 

تركز الاهتمام السياسي والإعلامي الغربي في لبنان على طيف من المشهد السياسي والاجتماعي يسمى “منظمات المجتمع المدني ” او ناشطي الجمعيات غير الحكومية المقدرة بحوالي الستمئة جمعية وهي باتت كما يقدمها الخطاب الغربي بألسنة المسؤولين والموفدين او عبر وسائل الإعلام بمثابة المعين المعتمد لبلورة نخبة سياسية جديدة تابعة للغرب في لبنان.

 

أولا نقلت السيدة رندة تقي الدين جانبا من حوار الرئيس الفرنسي  مانويل ماكرون الذي عقده في قصر الصنوبر مع ممثلي منظمات ” المجتمع المدني ” وهي تعمل في مجالات إنسانية وإغاثية وثقافية وتسهم في انشطة وتحركات اجتماعية وسياسية وتتلقى تمويلا منتظما من وكالات إغاثية وصناديق تمويل أوروبية واميركية وقد اوردت تقي الدين حرفيا على لسان الرئيس الفرنسي ما يلي : “اليوم لديكم شعب غاضب لأن ليس لديه كهرباء، وموضوع الانتخابات مهم لكن إذا تم تنظيم انتخابات في لبنان غداً هل ستربحونها؟ أنا مع الحلول العملية وقد قرأت ما تريدونه وهو طرح ذكي ولكن اليوم لا توجد ظروف مؤاتية له. أنا أفضل الصراحة معكم، إذا قام النظام السياسي بتنظيم انتخابات في الغد ولم تربحوها سيقولون أردتم الديموقراطية ولم تفوزوا، أما الخيار الآخر فهو أن تقرروا تطوير النظام وخلق ظروف في السنوات المقبلة لإتاحة المجال أمام صعود نظام جديد”. وختم: “عليكم ان تفتخروا بأنكم مجتمع مدني لأن كل من رأيته في الشارع يكره السياسيين، فقولوا إن لديكم مشروعاً للبلد وأنا مستعد لمساعدتكم، ولكن لا تطلبوا من فرنسا أن تنزع الشرعية عن المسؤولين السياسيين في البلد، علماً أنني تكلمت معهم كما لم يتكلم أحد معهم بصراحة ووضوح“.

ثانيا هذه الرؤية التي عرضها الرئيس الفرنسي لقادة الجماعات المشبوكة والتي تتلقى دعما متواصلا منذ ما يزيد على العشرين عاما وتمت مضاعفته بصورة مركزة في السنوات الأخيرة كما تم توجيه شبكات إعلامية تقليدية وإلكترونية في الداخل والخارج تتلقى مساعدات غربية وخليجية هي الأخرى لتبرز تلك الجماعات ورموزها وتساعد في ترويج خطبها السياسية والدعاية لنشاطاتها تحت شعارات “الثورة ” وقد نظمت تلك الوسائل الإعلامية حملات مكرسة لشيطنة المقاومة وللتشهير برئيسي الجمهورية والمجلس النيابي والتيار الوطني الحر وحركة امل بهدف إضعاف المقاومة وتنفيذ الهدف الأميركي المعلن أي تعريتها من الحلفاء والداعمين بين القوى السياسية الحية في لبنان التي ما تزال تحظى برصيد شعبي ولاسيما التيار الوطني الحر وحركة أمل واليوم تروج جوقة الأناجيز صورة افتراضية عن الشعب اللبناني على قياس تمنياتها  كما تلح في طلب الدعم الغربي لمطالبتها بانتخابات نيابية مبكرة تتوهم أنها ستسهم في تكوين غالبية نيابية جديدة بديلة عن الغالبية الحالية وهو ما يتعارض مع الصورة الأكثر واقعية التي كونتها باريس وواشنطن باستقصاءاتهما عن ميول الرأي العام اللبناني وولاءاته السياسية وحيث لا تجد واشنطن بديلا لمواكبة المبادرة الفرنسية الاحتوائية بالمساكنة مع المقاومة من خلال تنظيم حملة عدائية مسعورة لتأجيج التنافر الداخلي وعدم تمكين حزب المقاومة من حصاد المردود الشعبي والسياسي لعودة الغرب إلى الاعتراف بدوره في الحياة الوطنية.

ثالثا لابد من تذكير اللبنانيين بالمستنقع الفعلي الذي تترعرع فيه شبكات الأنجزة والذي تفوح منه روائح التعفن والفساد فبعد فضائح المساعدات المتبددة التي سلمت إلى الجمعيات في مواسم إغاثة النزوح السوري خلال السنوات الماضية أضيف في الأسابيع المنصرمة ملف المساعدات الغربية التي تسلمتها تلك الجمعيات تحت شعار إغاثة منكوبي انفجار مرفأ بيروت بينما لم تظهر آثار المساعدة سوى في ما تولى توزيعه الجيش اللبناني والباقي شاعت شكوى المستفيدين المفترضين من ضياعه وتبدده في شبكات الإغاثة المتعددة والمتشعبة والتي تضم خليطا من تشكيلات قديمة تديرها القوى السياسية التقليدية منذ النزوح السوري إلى لبنان عام 2011 وبصورة خاصة جمعيات أنشأها كل من تيار المستقبل وتيار العزم والحزب التقدمي وغيرها المئات وهي مرتبطة بفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبالمنظمات الأممية المعنية بالمساعدة وقد طالت انشطتها عشرات الفضائح التي ضلع فيها ناشطون ومدراء من الوكالات الحكومية والأممية المعنية بالمساعدة والإغاثة.

لمن يفركون عيونهم مع قراءة هذه العبارات نسألهم هل تعرفون شيئا عن سيرة برنار كوشنير الطبيب والدبلوماسي الفرنسي والمشارك في تأسيس جمعية أطباء بلا حدود وما ارتبط باسمه وانشطته من شبهات التجارة بالأطفال وبالأعضاء البشرية في حرب يوغسلافيا وثم في غيرها من حروب منطقتنا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى