بقلم غالب قنديل

وفاق لبناني تحت الرعاية الفرنسية

غالب قنديل

خلال ساعات تسربت كلمة السر من باريس وبيروت وعاد إلى العاصمة اللبنانية سفيرها في برلين مرشحا لرئاسة الحكومة بتزكية من قصر الإليزيه وبتسمية من رؤساء الحكومات السابقين وتقول معلومات العاصمة الفرنسية إن هذا الاختيار الذاهب إلى التظهير الدستوري لبنانيا لشخصية جديدة تدخل نادي رؤساء الحكومات حظي بتغطية سياسية هي حصيلة تشاور فرنسي مع القيادات اللبنانية واكبه تنسيق أوروبي إيراني سعودي قادته باريس أيضا وبعدم ممانعة أميركية وسيطلق الحدث مسار تأليف حكومة جديدة يعد الفرنسيون بدعم مساعيها لاحتواء حالة الانهيار الاقتصادي والمالي ويتحدثون عن جدول أعمال طموح يتضمن إصلاحات اقتصادية ومالية وسياسية وقانون انتخابات جديد.

 

أولا تقول المعلومات الصحافية إن الإدارة الفرنسية تنسق بصورة وثيقة مع القيادتين السعودية والإيرانية وهي تحظى بتفويض أميركي أو عدم ممانعة أميركية على الأقل  حتى لوتمايزت المواقف والرؤية الأميركية عن القراءة الفرنسية للتطورات وللعلاقة بالقوى والأطراف اللبنانية فحيث لا تستطيع واشنطن بفعل انحيازها الأعمى لإسرائيل وعداوتها لإيران ولحزب الله تحتفظ فرنسا بقنوات التواصل وبقاعدة سياسية مرنة لعقد التفاهمات لكن تفاهما غربيا يقضي بأن شيئا ما ينبغي فعله لمنع افلات لبنان من القبضة أو الأصح انتقاله إلى الضفة الأخرى بالكامل  اذا بات معقلا لشراكة جديدة تعقدها روسيا والصين بمعونة سورية وإيران على ساحل المتوسط  الذي تسكنه هواجس فرنسية من التمدد التركي بعد التصادم الذي تفاقم  حول ليبيا ومن هنا تتسم بالأهمية زيارة الرئيس ماكرون إلى لبنان وما تسرب عن تركيبة الوفد المرافق الذي يضم مدراء شركات مهتمة بعقود إعادة بناء مرفأ بيروت وأحياء العاصمة اللبنانية المحيطة به والقريبة منه مما يؤشر إلى ملامح المحفظة الفرنسية في لبنان اقتصاديا وماليا.

ثانيا فرنسا راغبة بتعجيل الخطى لتثبيت حضورها في الجوار السوري قبل حدوث تحول منتظر وغير بعيد يقلب الدفة لصالح الرئيس بشار الأسد وقد تراكمت مقدماته الميدانية والسياسية وتشير إليه التقارير والتوقعات كما  تريد إدارة ماكرون سد الأبواب في وجه الطموحات التركية لإقتحام لعبة النفوذ في الميدان اللبناني بعد احتدام الصراع التركي الفرنسي حول حوض المتوسط انطلاقا من ليبيا وانعقاد الحلف الفرنسي اليوناني القبرصي وتعتبر فرنسا ان لبنان هو موقع نفوذ تقليدي يخصها تفضل الاستحواذ عليه وحراسة مصالحها فيه وتخشى تحوله إلى عبء او إلى موقع مناوئ اذا اختارت الانسحاب الذي حذر منه السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان في معرض كلامه امام الكونغرس عن سباق النفوذ مع الصين وروسيا وإيران في حوض المتوسط وهذه المعطيات حاضرة في خلفيات زيارة ماكرون السابقة إلى لبنان ومبادرته في محاولة احتواء الأزمة الراهنة والمساعدة على تحقيق توافق سياسي لبنان يقود إلى حكومة جديدة مع عروض الاسعاف المالي والاقتصادي الموجودة في الحقائب الدبلوماسية الفرنسيةمنذ مؤتمر سيدر.

ثالثا بكل أسف يثبت اللبنانيون مجددا قصورهم وعجزهم عن بلورة مبادرات وطنية تحقق مصالحهم المشتركة دون الحاجة إلى الخارج الذي يسعى على الدوام وبكل أسف لتضمين قسط من مصالحه في لائحة الأهداف والنتائج  وقد فتحت المبادرة الفرنسية في اندفاعتها احتمالات ومسارات ورهانات جديدة تتضمن طموحا إلى اصلاحات اقتصادية وسياسية لم تأت ثمرة لتفاهم داخلي أو لمبادرة وطنية تحظى بتجاوب غالبية شعبية تشغلها اختناقات العيش الكارثية وهواجس البقاء والاستمرار في ظل الكارثة الشاملة التي يرزح فيها البلد وهكذا صمت فجأة المعترضون وقد سمعوا  مجددا نصائح  حول صيغ الإصلاح في مشاريع الرعاية الخارجية فعند اللبنانيين  مكانة خاصة للمستعمر القديم ولكل تدخل خارجي منذ عهود “المونة” التي مارسها منذ مئات السنين قناصل ومبعوثون وسفراء وممثلون لما يطرب الزعماء اللبنانيون لتسميته بعواصم القرار الدولي والإقليمي.

مساء اليوم سيصدر مرسوم تسمية الرئيس المكلف السفير الدكتور مصطفى أديب ومخاض التأليف سيحظى برعاية فرنسية مباشرة لكن تظهير التشكيلة العتيدة سينتظر مشاورات الرئيس المكلف التي سيجريها مع الكتل النيابية والقيادات السياسية التي تعهدت بالتعاون معه وبتسهيل مهمته والراعي الفرنسي سيكون مواكبا حكما لتذليل العقد وعساه لايطول انتظار مراسيم التشكيل وجلسة الثقة النيابية والإعلان عن خطة طوارئ اقتصادية ومالية توقف الانهيار الخطيروالعبرة في الأفعال فالبلد ليس في ترف هدر الزمن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى