بقلم غالب قنديل

القمع المنظم في مواقع التواصل

 

غالب قنديل

تخضع مواقع التواصل الاجتماعي بصورة متزايدة إلى قيود المنع والعقوبات المفروضة على حرية التعبير والرأي لاسيما في المنطقة العربية وقد جرى تثبيت ممنوعات صارمة تشمل العديد من التعبيرات المرتبطة بفكرة المقاومة بصورة  متزايدة تنفي بصراحة جميع مزاعم حرية الراي والتعبير .

 

أولا تفرض على المشاركة في صفحات وحسابات الفيسبوك الأوسع انتشارا معايير قاسية تضمن تطبيق إجراءات المنع والإغلاق والحظر بمجرد استعمال تعابير ومفاهيم وأسماء ورموز مناهضة للحلف الأميركي الصهيوني في اعتداء صارخ على حرية الرأي وبكل بساطة على سبيل المثال لا الحصر فإن الصفحات والحسابات الناطقة بالعربية باتت عرضة للمنع والإغلاق لمجرد ذكر حزب الله أوقائد المقاومة السيد حسن نصرالله أوإدانة العدوان الصهيوني بصراحة وغير ذلك من التعبيرات هي أسباب كافية لإنزال العقوبات وتعطيل الحسابات وحرمان أصحابها من حق التعبير عن آرائهم لأسابيع وتجريم نشر مواقف المعاقبين واتهامهم بالإرهاب او اللاسامية وهو امر يجري تعزيزه وتعميمه بقوة من خلال برمجة الممنوعات وعبر استهداف الصفحات والحسابات التي يلتمس فيها المراقبون فاعلية وتأثيرا وانتشارا وتطبق العقوبات على غرار ما ما اعتمد في القنوات الفضائية وحيث توظف مجموعات تتولى الرقابة والمنع على حساب حرية التعبير وقد جرى تجنيد جهات مختارة لتكون شرطة ارهابية تملي العقوبات وتفرض المنع وتعاقب من يخرقون ما يزعم انه قواعد للتعبير وفق النمطية الأميركية الصهيونية المفروضة.

ثانيا حتى الساعة تبدو مواقع التواصل الأخرى أقل تعرضا لشروط القمع مما هي عليه خدمة الفيسبوك ولكن الحبل على الجرار وفق التوقعات فالمطلوب هو تدجين العقول  وإبعادالناس قسرا عن القيم والأفكار التحررية إلى جانب تعميم القيم والأفكار المتكيفة مع نمط الاستهلاك الخاضع للهيمنة وتسخيف فكرة التحرر وتغليب منطق التكيف مع الهيمنة بوصفه الخيار الواقعي المزعوم انطلاقا من قدرية الرضوخ للهيمنة المغلفة  بمزاعم التحضر.

 ما تزال القدرة الأميركية على احتكار ادوات التواصل وسيلة قوية للهيمنة على مصادر المعلومات والتحكم بأفكار الناس وانطباعاتهم وتفاعلهم مع الأحداث وتصبح الحاجة اكثر إلحاحا إلى بلورة منصات للتواصل الاجتماعي خارج الهيمنة الأميركية وهذا هو التحدي الفعلي لتحرير التواصل الاجتماعي من قيود الهيمنة الأميركية تماما كما كانت الحال في السعي إلى تحرير الإعلام التلفزيوني من قبضة الاحتكار الأميركي للأقمار الصناعية والقنوات الفضائية.

ثالثا تطرح المجابهة مع الممنوعات والقمع تحدي فضح ألاعيب التدجين والتعليب الفكري والثقافي إلى جانب السعي لامتلاك منصات متحررة من الهيمنة عبر الشراكة مع روسيا والصين وإيران واكتساب التكنولوجيا القادرة على حماية حرية التعبير وحيث تمثل تقنيات الجيل الخامس الصينية فرصة نوعية للتحرر من الهيمنة وطريقا للتخلص من تعليب الأفكار بشكل ينهي الهيمنة التي يحاول الأميركيون بها قولبة انماط التعبير بما يخدم الهيمنة ويؤيدها وهذا ما جعل منها ميدان منافسة مقلق للإمبراطورية الأميركية وهيمنتها اللصوصية.

إن بلدان الشرق تواجه تحدي بناء شبكات حرة من أدوات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكتروني وهذا هو السبيل الذي يفترض ان يتركز عليه العمل خلال الفترة المقبلة للتخلص من القمع ومن غلافه الكاذب المزعوم وايجاد البدائل الحرة هو الاستكمال الذي لابد منه لتعرية الإرهاب الفكري والثقافي الذي تسعى الولايات المتحدة لفرضه على الشعوب بهدف تدجينها على الخضوع للهيمنة اللصوصية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى