بقلم غالب قنديل

العروض الشرقية تتوسع فما هو مبرر التماهل؟

 

 غالب قنديل

 ضغط الانهيار يتواصل في يوميات الناس والحكومة تقطع الوقت في انتظار لا يجدي بل هو مكلف بكل تأكيد لأن فيه هدرا يفاقم الخسائر مع كل الاحترام لما يبذل من جهود تحت عنوان الاحتواء المتواصل في قرارات نقدية ومالية واقتصادية يعلم الجميع انها مسكنات مؤقتة بطيئة المفعول وأبعد ما تكون عن مباشرة انتشال البلاد من الهوة السحيقة التي تدحرجت إليها.

 اولا أضاف السفير الإيراني الليلة الماضية عرضا رسميا إلى محفظة العروض الشرقية المتراكمة والمعلقة على انتظار مبادرات الحكومة اللبنانية فقد اعلن أمس باسم حكومة بلاده الاستعداد لاعتماد الليرة اللبنانية في اتفاقات تجارية تؤمن حاجات لبنان من المنتجات الإيرانية على اختلاف انواعها بدءا بالمشتقات النفطية مع الاستعداد الكلي للبحث في تقديم مساعدات إيرانية متعددة تشمل قطاعات حيوية منها المساعدة في حل مشكلة قطاع الكهرباء وهذا الإلتزام الإيراني الصريح جاء مصداقا لوعد قائد المقاومة المعروف ويستدعي منطقيا ردا لبنانيا عمليا من جانب الحكومة يحرك التعاون الثنائي ويجلب للبلد ما يحتاجه من دولة شقيقة تعرض الدعم والمساعدة وليس إضافة الورقة الإيرانية إلى مجموعة العروض الصينية والعراقية والاستعدادات الروسية الموازية دون تحريك المتابعة العملية بمبادرات للإتصال الرسمي ومباشرة التفاوض وكسب الوقت الذي لا يمهل.

 ثانيا بعد كسب جولة الكباش السياسي في وجه العربدة الأميركية والتهديدات التي انصبت على خيار التوجه شرقا فتحت امام الحكومة نافذة للتفاوض حول الاعفاءات المحتملة من عقوبات قيصر وهو ما يجب ان تترجمه الحكومة في أقصى سرعة إلى مذكرة رسمية بناء على تحديد عملي لخطوط العلاقات الثنائية اللبنانية السورية المطلوب استثناؤها من العقوبات وهذا امر يستدعي حركة مباشرة نحو الشقيقة سورية ونقاشا ثنائيا لبنانيا سوريا حول وجوه التعاون الاقتصادي الممكن والذي ليس محصورا بطريق الترانزيت مع العراق وبلدان الخليج وإيران والشرق الواسع سواء للتصدير او للاستيراد بل هو من ضمن الشراكات الإقليمية التي لا غنى عنها وحتى الان لم يوضع جدول رسمي بحاجات لبنان في هذا المجال ويبدو ان الإحجام عن الخطوات العملية المنطقية ما يزال حاصل الرهاب من الغضب الأميركي وارتقاب التفاوض مع صندوق النقد الدولي واحتمالات استقاء السيولة المالية التي إن تأمنت لن تكون هبة مجانية بل قرضا مستحق السداد مع فوائده أي موجة جديدة من لحس المبرد.

 ثالثا مع جزيل الاحترام لاقتناع رئيس مجلس الوزراء بوجود معرقلين من خصوم الحكومة سعوا إلى التحريض ضد مساعدة لبنان في بعض العواصم وهو ما ليس مستغربا لكن ذلك لا يبرر أي تريث في تحريك اتصالات جدية وعملية مباشرة مع حكومات الدول الشقيقة والصديقة التي قدمت عروضا رسمية واكدت استعدادها لعقد اتفاقات مع لبنان وقد انضمت امس إلى حكومات الصين والعراق وروسيا الحكومة الإيرانية التي سبق ان اظهرت استعدادها من سنوات لمساعدة لبنان ودعم شعبه في معالجة المشكلات الملحة بأيسر السبل المتاحة ويفترض بعد تصريحات السفير فيروزنيا لقناة المنار ان يبادر الجانب اللبناني الرسمي إلى اجراء الاتصالات وعقد الاجتماعات اللازمة لرسم ملامح التعاون الممكن ووضع آلياته التنفيذية على الفور ويفترض الاستعجال بدافع إلحاح الحاجة اللبنانية لكسب الوقت وعدم إهدار الزمن وليكن الجواب الجاهز في وجه الاعتراض الخليجي والغربي هاتوا ما عندكم فنحن بحاجة لمساعدة جميع الأشقاء والأصدقاء بينما شعبنا في حالة ضيق واختناق شديد.

 رابعا في المنطق الاقتصادي والمالي للزمن ثمن والحالة اللبنانية الراهنة هي حلقة استنزاف لا خروج منها بدون إعادة تشغيل عجلة الإنتاج والحركة الاقتصادية وتوفير ما امكن من احتياط العملات الصعبة بالتقاط فرص الحصول على الضروريات والمستوردات بالعملة اللبنانية حيث امكن والسير في بناء الشراكات الضامنة للحلول الجذرية التي تمثلها مشاريع بناء معامل توليد الطاقة والسكك الحديد والمعالجة الجذرية لمشاكل النفايات الصلبة والصرف الصحي ومجاري الأنهر وهي جميعا في السلة الصينية المطروحة على طاولة مجلس الوزراء مرفقة برسائل اهتمام وبالتزام صريح بالتمويل وبالشراكة بعيدة المدى دون التزامات لبنانية مالية فورية وبذات القدر من الاهتمام يلفت النظر الإحجام عن تسريع الخطوات العملية للتعاون مع العراق والتريث في إيفاد الوزراء المعنيين مع التفويض بتوقيع الاتفاقات المناسبة وهنا يصح السؤال عن ضغوط تربك الحكومة تقف خلفها الجهات التي احتكرت تزويد مؤسسة الكهرباء بالفيول وسيطرت على استيراد المحروقات وتوزيعها في الداخل طيلة السنوات المنصرمة ويفترض بالحكومة التقاط الفرصة المعروضة باتفاقات رسمية ترد إلى المؤسسات العامة دورا طبيعيا جرى الاستيلاء عليه في موجة الخصخصة الكريهة بصفقاتها وروائحها النتنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى