بقلم غالب قنديل

لبنان يخنق نفسه بيديه

 

 

غالب قنديل

 

تواصل الحكومة اللبنانية بكل عناد إدارة ظهرها لخيارات إنقاذية مشرعة لا تتعارض مع مواصلة مساعيها لطرق أبوب الخلاص المتوهم في مباحثاتها مع صندوق النقد الدولي والواضح انها تخضع لترهيب ذاتي اميركي وغربي متواصل فتدير ظهرها للشرق القريب رغم انفتاحها بعد طول انتظار على العروض الصينية التي ليس التجاوب معها معجزة تستدعي الطبل والزمر بعد أشهر من الأخذ والرد رغم الجاهزية الصينية الكاملة وما ظهر من استعداد روسي لايقل أهمية.

 

اولا الحكومة هي من يخضع لإرهاب داخلي وخارجي فتوصد الأبواب على الشرق القريب والبعيد رغم تسليمها بأن البلد يختنق نتيجة الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي المتواصل وشح العملة الصعبة الآخذة في النضوب واعتماد اللبنانيين على الاستيراد من عقود والتفاتهم المتأخر إلى اهمية الإنتاج والحكومة حتى الساعة لم تضع خطة طارئة لدعم الإنتاج الوطني الصناعي والزراعي رغم النداءات الحارة والمستعجلة من اهل القطاعين ووزيري الاختصاص اللذين يتحركان مكوكيا على جميع المحاور وما زالت اولويات النقاش الحكومي منصبة على اوراق الانهيار وهي تفلفش دفاتر الحسابات المالية رغم وجود فرص جدية لبدء ترميم الاختلال بتدابير عاجلة لإحياء الصناعة والزراعة وخصوصا ما ينفع منها بتحريك عجلة الإنتاج في مجالات تتيح الحصول على عائدات ونتائج متاحة في زمن قصير.

 

ثانيا الإرهاب الخارجي مصدره التهديد الأميركي والغربي بالعقوبات وأحيانا يسهم المسؤولون اللبنانيون في ترهيب انفسهم ويبالغون في تحاشي إغضاب الغرب بما يتخطى ويتجاوز حدودا ممكنة من حرية مواءمة المصالح الوطنية المباشرة واتخاذ مساحة من حرية القرار ومحاكاة  سلوكيات حكومات صديقة للغرب ومرتبطة تقليديا بالنفوذ الأميركي والغربي كالحكومة الأردنية التي لاتهاب في ممارسة حقها بالشراكة مع الشقيقة سورية وفي رفض الامتثال للعقوبات او كالحكومة المصرية التي  تقيم علاقات تعاون لا يستهان بها مع روسيا والصين ولا تمتنع عن التجاوب مع عروض تجد فيها ما يناسب المصالح الوطنية بما في ذلك في شؤون التسلح وبناء الجيش وتدريبه والعديد من وجوه التعاون الاقتصادي ومن يدقق يلاحظ ان الخنوع اللبناني ورهاب الغضب الأميركي يحرم البلاد من إمكانيات ضخمة وفرص كبيرة لا يستهان بها.

 

ثالثا تشكل في لبنان تيار استكلاب غربي يحرض ليل نهار ضد المقاومة ويبث الأحقاد ضد سورية وإيران وهو ذاته اليوم الذي يواصل الجعير ضد التوجه شرقا من غير ان يملك الأهلية للنقاش المنطقي او يحوز القدرة على الإقناع ومن دون ان يقدم فكرة وحيدة جديرة بالنقاش في الخيارات المنطقية المطروحة للجدل وهذا التيار الاستكلابي هو الذي كان اميركيا اكثر من الأميركيين في الامتثال للعقوبات المصرفية والمالية وساهم في توسيع نطاقها ومضاعفة أثرها التخريبي والمدمر على الاقتصاد الوطني ومارس دور طابور المخبرين لدى السفارة الأميركية ومفوضية العقوبات في وزارة الخزانة بواشنطن ووجهت تقاريره ودسائسه التدابير الأشد فتكا التي اعترف القضاء الأميركي بعدم صحة ما استندت إليه من اتهامات كما كانت حال البنك اللبناني الكندي الذي جرت تبرئة ساحته بعد قتله الشنيع بأقبح مجزرة مصرفية حيث تبينت براءة القتيل المظلوم.

 

رابعا إن ما يتوافر اليوم من فرص قريبة لحل مشاكل نقص المحروقات والمواد الضرورية التي تزحف على يوميات اللبنانيين وبالشروط المناسبة مع سورية وإيران يصطدم بخضوع السلطة السياسية للقوى الاحتكارية التي تسيطر على الأسواق وتحتمي في تكريس لصوصيتها بامتناع المؤسسات العامة عن ممارسة حق الاستيراد المباشر في زمن الأزمات والشح وعلى الرغم من استعداد سورية وإيران والعراق لتسهيل الحصول على حاجات لبنان باتفاقات تبادل عادلة بالعملات الوطنية ورغم توافر فرص ذهبية فخيار إحياء خط النفط العراقي  الواصل إلى مصفاة طرابلس هو استثمار ممكن بين لبنان وسورية والعراق يحقق المصالح المشتركة ويخلق فرص عمل في لبنان بعد إحياء صناعة تكرير النفط الخام التي كانت تولد عشرات آلاف فرص العمل في منطقة الشمال المحرومة وعبر استثمار المصب النفطي الساحلي في تسويق النفط العراقي اما استجرار الكهرباء من سورية فهومتاح دائما لكنه يتطلب اتصالا حكوميا واتفاقا مباشرا مع السلطات السورية ولا نعرف مانعا مفهوما لذلك بينما تنهار ساعات التغذية إلى ساعتين في اليوم وفي موسم ارتفاع الطلب على الكهرباء أسئلة كثيرة تطرح نفسها ولا تلاقي غير الصمت والحيرة والعيون الزائغة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى