بقلم غالب قنديل

قائد آخر ثورات القرن العشرين العظيمة

غالب قنديل

في مخاض نضالي جماهيري واسع  وفي سياق تشكل فكري وسياسي عميق لنظرية تحررية اسلامية امضى السيد روح الله الموسوي الخميني شبابه وتحول سريعا إلى رمز للتمرد الثوري يلهم الشباب الإيراني بأفكاره وبصلابته.

 

 هكذا راحت تتشكل حول الخميني  في الجامعات والحوزات حلقات طلائعية من نخبة متعلمة وجامعية مناضلة طامحة للتحرر من الهيمنة ولإعادة بناء الوطن الكبير والغني على قاعدة الاستقلال والحرية بعد التخلص من اخطر انظمة القمع الرجعية التابعة المدججة بالسلاح الأميركي حتى الأسنان واهم حلفاء الكيان الصهيوني وقد بات يسمى بشرطي الخليج الذي اوكل إليه السيد الأميركي ومن خلفه حلف الناتو قيادة منظومة تابعة للهيمنة الاستعمارية الغربية وحليفة للدولة العبرية في الشرق العربي والإسلامي.

قبل الثورة الإيرانية كان مسلسل الثورات وحركات التمرد في العالم الثالث يتسم بهويات  وخصوصيات وطنية وقومية لكنه ينتمي فعليا إلى الفكرة التحررية المناهضة للاستعمار والنماذج الاشتراكية التي حملت سمات وطنية في منابتها وكان الإسلام السائد في الشرق يتبدى بوصفه اداة ايديولجية بيد الطبقات الحاكمة والأنظمة التابعة للغرب وحتى حركة الأخوان المسلمين التي ظهرت في معظم بلدان المنطقة واتسمت في مصر بالتمرد على الملكية والاستعمار البريطاني تحولت مع الوقت إلى اداة استعمارية رجعية وباتت وعاء لثورة مضادة كما اظهرت احداث سورية على مسافة عام واحد من الثورة الإيرانية ثم تحولت إلى قوة احتياطية استعملها الأميركيون في توليد وتأصيل شبكات إرهابية استعملت في أفغانستان لمحاربة السوفييت ولتقويض الحكم الجزائري الداعم لسورية وللثورة الإيرانية وجمهوريتها الوليدة.

صاغ الإمام الخميني هويته الفكرية الإسلامية التحررية بمفهوم ثورة المستضعفين وقدم رؤيته للحكومة الإسلامية بهوية المستضعفين كمضمون سياسي واجتماعي لنظرية اسلامية جديدة في التحرر الوطني وتحقيق التغيير الاجتماعي الذي ينشد إعادة توزيع الثروة بين الطبقات الاجتماعية وتمكين السلطات العامة من الثروات الوطنية المنهوبة بعد استرجاعها من قبضة الاستكبار الأجنبي ووكلائه المحليين وعملائه الطغاة لتوضع في خدمة الخير العام والتقدم الاجتماعي والوطني لبناء استقلالي مناهض للاستعمار.

اطلق السيد الخميني على هذا النحو بكتاباته ومحاضراته ومن ثم بخطبه وبمساهمات رفاقه لاسيما السيد علي الخامنئي عناصر قاموس اسلامي لثورات العالم الثالث ولحركات المقاومة والتحرر.

أقام الخميني جذورا عربية عميقة لرسالته من خلال نظريته عن اغتصاب فلسطين فهو كان الأشد حرارة في تبنيه لقضية تحرير فلسطين انطلاقا من تعريفه للكيان الصهيوني بوصفه الغدة السرطانية والقاعدة الاستعمارية المتقدمة لحماية الهيمنة الغربية اللصوصية ولمواصلة نهب ثروات البلاد العربية والإسلامية ولإخضاع حركاتها التحررية التي تحدث عنها بعاطفة لافتة تبدت في رثائه للزعيم العربي جمال عبد الناصر وفي احتضانه لفكرة العمل الفدائي الفلسطيني قبل انتصار الثورة الإيرانية بعشرات الأعوام.

هذا القائد العظيم الذي أرسى دعائم قوة إقليمية عظمى ومنارة للتحرر والاستقلال هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيبقى حاضرا في الوجدان العربي بمعادلات القوة التي أرستها الجمهورية خلال العقود المنقضية على قيامها وانبثاقها وشكلت بها سندا لحركات المقاومة والتحرر التي تردع الكيان الصهيوني وتنجز انتصارات كبرى بفضل الدعم الإيراني والتضحيات الإيرانية التي تؤسس مع سورية وحزب الله والمقاومة الفلسطينية وثوار اليمن والمقاومة العراقية دعائم اخوة عربية إيرانية راسخة تحمل توقيع هذا القائد العظيم وخليفته السيد الخامنئي والثورة التي حررت ملايين العقول من عفن الإذعان للهيمنة وشرعت ابواب الكفاح لتحرير فلسطين وبلدان المنطقة بأسرها من الهيمنة اللصوصية الاستعمارية الصهيونية وقد تجلت تلك الأخوة في أبهى صورها على أرض سورية وبلاد الرافدين بوحدة الدماء التي دحرت غزوة التكفير وجسدها رجل عظيم من تلامذة الخميني هو الشهيد الكبير اللواء قاسم سليماني الذي يستحق التحية في يوم تخليد ذكرى القائد الثوري آية الله روح الله الموسوي الخميني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى