بقلم غالب قنديل

جبهة المقاومة العربية متى؟

غالب قنديل

ليست وحدة النضال كبعد نظري واستراتيجي يتصل بقضية فلسطين حاصل انفعال عاطفي موضوعه تلك القضية وطابعها الإنساني الذي يثير التعاطف تلقائيا مع ملايين المظلومين المقتلعين من أرضهم والمعرضين للقمع والقتل منذ عقود بسبب انتمائهم  الوطني والقومي وتمسكهم بهويتهم .

 

اولا إن وحدة الصراع بين الأمة العربية والحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي هي مرجعية وحدة الكفاح التي يفترض ان تجمع سائر فصائل المقاومة وقوى التحرر في البلاد العربية وحيث يتضح لمن يدقق أن التناقض الرئيسي الذي تنتظم حوله وتتفرع عنه وترتبط به عضويا جميع تطلعات وطموحات الأجيال العربية المتصلة بالتنمية والاستقلال والتقدم الاجتماعي وتحرير الثروات الهائلة لإعادة توظيفها في بناء المستقبل وتحقيق اقتصاد عربي ذاتي المركز محرر من الهيمنة  ويدار لصالح الجماهير الفقيرة المنكوبة بين المحيط والخليج وهذا المسارمرتبط مباشرة بهدف مركزي جاهر به محور المقاومة في المنطقة وهو طرد الوجود العسكري الأميركي الإستعماري من الشرق واحداث نقلة نوعية حاسمة في ميزان القوى تجرد الكيان الاستيطاني الصهيوني من عضده الاهم.

ثانيا إن الترابط الوثيق بين التحرر الوطني والاستقلال وتحرير فلسطين يفرض نفسه في كل البلاد العربية  بل وفي الشرق الكبير ووحدة الفصائل المقاومة تغدو اكثر من مطلوبة في معركة بهذا الحجم بعدما برهنت التجارب التاريخية على استحالة تجزئة عملية التحرر والتنمية او فصلها عن وحدة النضال القومي والشرقي فالحقيقة الساطعة هي أن توحيد الجهود لاقتلاع الوجود الاستعماري هو اسهام تاريخي في توليد الشروط الموضوعية لتحرير فلسطين من الاحتلال الاستيطاني الاستعماري واقتلاع ذلك الوجود الاستعماري الأطلسي من المنطقة يتطلب معركة ضخمة وعملا سياسيا شعبيا وتعبئة قتالية وتوحيدا لصفوف المقاومين في جبهة قومية متراصة الصفوف تستند إلى دعم القلعة الإيرانية الحرة وتتطلع إلى حلف عالمي واسع ضد الهيمنة الأميركية.

ثالثا إن المبادرة الإعلامية السياسية الريادية التي شهدها الرأي العام العربي يوم امس تحت عنوان يوم القدس العالمي تبعث على الأمل بانتقال فصائل المقاومة العربية من وحدة الخطاب حول فلسطين إلى وحدة النضال التحرري في المنطقة وما شهدناه من شراكة بين قوى مقاتلة من فلسطين ولبنان والعراق واليمن في إحياء يوم القدس العالمي يؤكد وجود قاعدة مشتركة للانطلاق في حوار يقوم على احترام الخصوصيات العقائدية والسياسية لبلورة جبهة مقاومة عربية ترتبط بعلاقة وثيقة بالتحالف مع كل من سورية وإيران فهذه الفصائل جميعها تلاقت في كثير من المعارك المشتركة وعاشت تجارب غنية في التنسيق وفي إدارة الاختلاف واحترام الخصوصيات خلال العشرين عاما الماضية وهي بحاجة للتوصل إلى فهم مشترك لمواضيع خلافية سابقة عوقت تناغمها أهمها العدوان على سورية وغزوة داعش والقاعدة.

رابعا لامجال للفصل بين تحرير فلسطين والتحرير الناجز لأي من البلدان العربية ومعظم بلداننا في الشرق الكبير ولو دققنا نجدها في مخاض تحرر لم يكتمل ولا يمكن تحقيق أهدافنا العليا من غير إطار مشترك يوحد الجهود والإمكانات والقدرات والسياسات ولا مجال لتخطي المساكنات مع الوجود الاستعماري في أي من بلداننا ما لم يتخلص الوطن العربي برمته من هذا الوجود تحقيقا لوعد محور القماومة بعد جريمة اغتيال القائد العظيم قاسم سليماني الذي جسد في حركته عبر الساحات وميادين القتال فكرة وحدة المعركة وضرورة قيام الجبهة المتحدة التي تقود معركة التحرر الوطني والقومي وتنهي الوجود الاستعماري اللصوصي المهيمن على جميع بلداننا.

جميع الإنجازات التاريخية بدت احلاما صعبة التحقيق في البدايات وقد حولتها الإرادة الشعبية والثورية إلى حقائق فعلية بالتصميم وبالمبادرات المنظمة القادرة على حشد الشعوب في كفاح هجومي جدير بالإنجاز وبتحقيق التطلعات التحررية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى