بقلم غالب قنديل

التسعير يبدأ من الجملة والوكالات الحصرية

غالب قنديل

تضغط معضلة الأسعار المرتفعة مؤخرا وبقوة على الجمهور اللبناني العريض وهي ليست طارئة او استثنائية فالنمط الاستهلاكي التابع أقام  عبر سلسلة الوسطاء فيه هيكلا للتسويق والبيع تتراكم عبره كمية من الأرباح التي تضاعفت مع الانهيار وتراجع سعر الصرف وشيوع ذريعة امتناع مصرف لبنان عن تسهيل فتح الاعتمادات بالعملة الصعبة لاستيراد السلع من الخارج إلى بلد يعيش على انقاض قطاعاته المنتجة تابعا للخارج في معظم ما يستهلك وهو فوق ذلك يتبنى أشد القوانين تخلفا في العالم على صعيد الخضوع لقواعد حماية الوكالات التجارية الحصرية التي تمنع تعدد مصادر الاستيراد وتضع بيد حفنة من التجار سلطة التحكم بالأسعاروبجميع السلع الرئيسية والضرورية التي يحتاجها الناس ولايستطيعون الاستغناء عنها.

 

اولا ليست مشكلة وزارة الاقتصاد وعجزها عن ضبط الأسعار ناتجة فحسب عن اعتبار الحكومات المتعاقبة ان مصلحة حماية المستهلك جسم إداري فائض  وحرص معظمها على عدم إيلاء اهتمام حقيقي لهذه المصلحة التي يفترض ان تمتلك مختبرات خاصة لفحص جميع السلع والتأكد من مواصفاتها وينبغي ان تكون بصلاحيات الضابطة العدلية لجهة قدرتها على مصادرة البضائع الفاسدة وفرض الغرامات وتسطير العقوبات بحق كبار التجار وصغار الباعة على السواء.

ثانيا المشكلة الواقعية هي ان وزارة الاقتصاد الحريصة على عدم الاحتكاك بكبار التجار والوكلاء المسيطرين على السوق تتقصى الأسعار من ذنب السلسلة فهي تحصر اهتمامها بالمحلات والدكاكين والسوبرماركت في أحسن الأحوال وهذا جيد لكن هذا الفصل في ملاحقة الغلاء مبني على ثابت مشترك هو الفواتير الصادرة عن المخازن الكبرى لتجار الجملة والمستوردين الذي هم من يتحكمون بالأسعار وبالكميات المطروحة في الأسواق ويحتفظون بمخزونات تبيح لهم حجب السلع عن المستهلكين لفرض زيادات جديدة على أسعارها تصب في جيوبهم أرباحا فاحشة.

ثالثا إن أفكارا عملية طرحت من نوع الاعتماد على مؤازرة الشرطة البلدية او الاعتماد على متطوعين في جميع المناطق للمشاركة في المراقبة وهذا كله جيد ولا شيء يحول دون العمل به فورا واتخاذ المراسيم الضرورية في مجلس الوزراء لوضع قواعده الناظمة او مباشرة تحضير مشاريع القوانين المعجلة المكررة لذلك بما فيها فرض إلزامية فتح الاعتمادات الضرورية لسد حاجات السوق من السلع الأساسية ولا مبرر لتأخير الخطوات العملية سوى التردد او الخوف من التصادم مع الشريحة الفاجرة من مصاصي الدماء الكبار ومن ارتباطاتهم الخارجية التي تشكل لهم طوق حماية وحصانة.

رابعا كفانا عبودية لخرافة النظام الحر ولمشيئة السيد الأميركي التي دمرت كل شيء وحرمت الناس من كل شيء يتمنونه أويحتاجونه وبعد عقود التخدير بالوهم ودورة الربا الدولية الإقليمية المحلية وجد اللبنانيون انهم يتربعون على كومة ركام وخراب بينما فرقة مصاصي الدماء تتغنى بنظامها الفريد وأعاجيبه الكاذبة وقد دفع الناس قسطا كبيرا من كلفة الانهيار مع سقوط قدرتهم الشرائية إلى هاوية سحيقة بينما لا يقبل كبار التجار والمصرفيين ان يتنازلوا عن هامش ربح يسير ويستيمتون في التشبث به باظافرهم المسمومة التي تتحصن بالقوانين البالية وتحتمي بستار من منظومة الإعلام المستتبع وجميعهم يمارسون الإرهاب على أي عقل حصيف منزه عن التنفع لديهم وغير ملوث بعمولات خدمتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى