بقلم غالب قنديل

الانتظار يهدر الوقت والتفلت خطر داهم

غالب قنديل

قد تتبخر في الأيام والأسابيع المقبلة جميع انجازات وزارة الصحة العامة والحكومة في التصدي لخطر تفشي كورونا فالبلاد مهددة جديا بموجة انتشار واسعة للعدوى وستفرض المؤشرات الجديدة لتفشي الوباء وتزايد أرقام المصابين مقيمين وعائدين على مجلس الوزراء التراجع عن تدابير باشرت بعض الوزارات والمؤسسات اتخاذها في إطار التفكيك التدريجي لعميلة الإقفال الشامل التي سبق إقرارها ضمن سلة من تدابير الوقاية التي أثبتت فاعليتها.

 

أولا المشكلة الفعلية الكامنة في الموجة الجديدة من كورونا هي وقوع زيادة ضخمة في عدد الإصابات بين المقيمين والعائدين من المغتربات بما يفوق طاقة القطاع الصحي بجميع مرافقه العامة والخاصة ولنصبح مقبلين على نشوء فجوة واسعة بين ما هو مطلوب وما هو موجود لدى لبنان أو متاح الحصول عليه كمساعدة خارجية من تجهيزات طبية أهمها أجهزة التنفس الصناعي والحاجات الأخرى الطبية والعملية التي سيتطلبها احتواء الموجة الوبائية المتصاعدة.

هذا الاحتمال إن تحقق سيعني الوقوع في حيرة المفاضلة بين المصابين كما حصل في إيطاليا وأسبانيا والصين وإيران والولايات المتحدة وفرنسا مع بدايات ظهور كورونا وهو ينطوي على احتمال وفاة أعداد من المصابين حكما مما سينقل لبنان من وضعية السيطرة والاحتواء إلى الوقوع في كارثة حقيقية.

ثانيا الانفلاش اللبناني العام والميل الفوضوي إلى التفلت من الضوابط الذي صاحب تخفيف الإجراءات والسلوكيات غير المسؤولة فرديا وجماعيا رغم التحذيرات التي تكررت إعلاميا هو البيئة الفعلية لانتشار الفيروس وذلك ما يعكس مزاجا شعبيا طاغيا متفلتا من المسؤولية العامة والخاصة مهما كانت الذرائع مما يكشف خطورة انحراف جماعي أخلاقي وسلوكي محوره العبثية وانعدام المسؤولية.

تغذى الميل الشعبي لكسر تدابير التحوط والعزل من بطء الخطوات الحكومية الإسعافية للفقراء ومحدودي الدخل الذين تعطلت موارد رزقهم بسبب الإقفال العام وبرر البعض لهم مخالفة التدابير باستعجال معاودة العمل وهنا يتعلق الأمر بتعثر مبادرة حكومية للمساعدة المالية والايقاع البطيء لمحاولات تذليل المعوقات مما يفترض السعي إلى إطلاقها مجددا وبأقصى سرعة ممكنة .

ثالثا تفاقم الأعباء المعيشية في هذه الظروف الصعبة لم يقابل حتى اليوم بديناميكية مقبولة للمعالجة تحد من القلق اللبناني العام على كيفية تدبر الأحوال وتأمين الغذاء والدواء ومستلزمات العيش الأولية على الرغم من بيانات النوايا الحسنة والأفكار والمقترحات المستطابة الصادرة عن المسؤولين بدون استثناء فالواقع أن كمية ضخمة من المشاكل والشكاوى الشعبية تجمعت وتراكمت دفعة واحدة وهي تستدعي علاجا من قبل حكومة تشكو قلة الإمكانات المتاحة وتواجه صعوبة في الاستجابة المصرفية لتمنياتها ودعواتها وهي تخشى من تحركات مضادة تستهدف إسقاطها وليس فحسب عرقلتها من قبل الأطراف والجهات المتخندقة في مجابهتها وهي تجاهر بمسعاها علانية وربما تنحصر معضلتها بعدم الحصول على الإجازة الخارجية لخطط الانقلاب السياسي في لبنان فالأميركي يبدو مصمما على استنزاف وإخضاع الجميع  بما في ذلك الحكومة وحلفها السياسي الحاضن.

رابعا يتنافخ الذين يتمنون إسقاط الحكومة في مهاجمة خطتها المالية بالدفاع عن نظام المبادرة الفردية الذي يزعمون انه مستهدف وفي الحقيقة يكشف هذا الوجه في حملاتهم كم هم جهلة في السياسة وأميون في الاقتصاد السياسي علما ان خطة الحكومة المالية طرحت عناوين إعادة الهيكلة ولم تظهر أي توجه أومبادرة تخالف طبيعة النظام الرأسمالي التابع والمتعفن بينما شهدت السنوات الأخيرة وفي حواضرالرأسمالية  الكبرى في الغرب عمليات إعادة هيكلة للمصارف بعد انهيار الفقاعات المالية والعقارية وتهمة الاشتراكية هي ما احتمى خلفه المرابون في اعتراضاتهم على تدابير إدارة اوباما بعد ازمة 2008 وهي مضمون ما روجه صبيان وول ستريت الذين راكموا ثروات طائلة وقادوا الاقتصاد الأميركي إلى زلزال ساحق وهو ما شكل خلفية توجه دونالد ترامب إلى حلب الأموال والحروب التجارية.

مجددا إن للزمن ثمن وهو سوف يتضاعف كلما اشتد التحدي أوكان تحرك الحكومة بطيئا في الاستجابة لأي سبب كان ولا تفي بالغاية المنشودة خطة مالية لاتقوم على رؤية اقتصادية منتجة وشراكات إقليمية ودولية مجزية والباقي هدر للوقت سيضاعف الكلفة دون أي مبرر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى