بقلم غالب قنديل

الحكومة في سباق ضد الانهيار والفوضى

غالب قنديل

حددت الحكومة سقفا واقعيا لمهتمها المركزية وهي احتواء الانهيار ومنع التدهور إلى الفوضى التي تطل برأسها على إيقاع تعاظم الشكوى والغضب الشعبي ويبدو ان الحكومة تواجه مع التعقيدات الموضوعية حركة اعتراض وعرقلة مقصودة لاستنزافها وإسقاطها تجتمع عليها أطراف محلية كانت أساسية في الحكومات السابقة وهي شريكة أصيلة في المسؤولية عن الانهيار الحاصل. 

 

اولا ينبغي الالتفات إلى المشيئة الأميركية الواضحة باستثمار الشاردة والواردة للنيل من المقاومة ولترويج فرضية ان التخلص منها ومن سلاحها يضع اللبنانيين على بر الأمان ويفتح صناديق المال الغربية من جديد بقروض واستثمارات غايتها الفعلية وضع اليد على المرافق العامة وفقا لعرض الرئيس السابق سعد الحريري عشية استقالته تحت عنوان معالجة الدين العام المتضخم.

ثانيا داهمت التحركات المناوئة الحكومة التي تماهلت واقعيا في انجاز خطتها وفي اتخاذ تدابير احتواء الانهيار والحد من تقاقم نتائجه ورغم ذلك فقد نالت من الرضا الشعبي الكثير نتيجة بلورتها لخطاب اصلاحي واضح في إعلان النوايا الصادر عن رئيسها وحيث تحصنت برصيد النجاح المحقق في احتواء تهديد الجائحة الوبائية بحيث استطاعت ان تحد من انتشارها وانتزعت اعترافات متلاحقة ممن هاجموها وناصبوها العداء وتعاملوا معها بخلفية تشكيك واتهام .

ثالثا من الواضح ان الولايات المتحدة تدعم تفعيل الاعتراضات في وجه الحكومة التي تقودها قوى سياسية تصفها مع الأميركيين على انها حكومة حزب المقاومة  وهو ما يراهن به المخططون الأميركيون على رسم حدود لقدرة الحزب على دعم التوجهات الحكومية لمنعه من السعي للانتقال بها إلى مبادرات وشراكات شرقية تخالف منطق الهيمنة الأميركية المانع لأي اقتراب من العمق القومي والإقليمي والشرقي كما كانت عليه الحال مع جميع الحكومات السابقة.

رابعا اوضحت بعض الحراكات الميدانية تحت عنوان الاحتجاج على الجوع في طرابلس والبقاع وعمليات قطع الطرقات في الساحلين الشمالي والجنوبي وفي البقاع الأوسط تحرك جماعات حزبية لممارسة الشغب المنظم ومحاولة إرباك قوى الجيش والأمن الداخلي من خلال الاعتداءات التي قامت بها مجموعات منظمة ألقت القنابل على الدوريات والسيارات العسكرية وسط معلومات متواترة تفيد عن استنفار وحدات ميليشيوية في اكثر من منطقة في حين ظهرت ملامح العنف والفوضى مجددا باستهداف فروع عدد من المصارف وقد تعلم اللبنانيون من التجربة عدم التعامل مع أي ظاهرة على انها تفاعل عفوي بريء.

خامسا بجانب بلورة الصورة السياسية لخطة إنقاذية عاجلة تحتوي نتائج الانهيار وتحد من آثاره يحتاج قطع الطريق على أي خطة مفترضة لإغراق البلاد في الفوضى والصراع الأهلي الذي تلوح نذره في اجواء احتقان وتحريض إلى تدابير عاجلة تعالج المشاكل الضاغطة على يوميات اللبنانيين ولاسيما انفلات الأسعار وارتفاعها بصورة جنونية وفوضى أسعار الصرف التي ساهم فيها عجز المصرف المركزي وارتباكه وهو ما يدفع البعض إلى اتهامه بالتواطؤ وهذا يتطلب اتخاذ تدابير قد تفرض حظر التداول بالعملات الأجنبية في السوق المحلي ووقف الفوضى التي يستفيد منها المضاربون ضد الليرة والتسريع بإيقاع تنفيذ خطة الإنقاذ لاسيما ما يتعلق منها بإنعاش الإنتاج الصناعي والزراعي والحكمة اليوم هي ان الأزمات لا تحل بإعلان النوايا فقط بل تستدعي الإقدام والحزم وعدم التماهل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى