بقلم غالب قنديل

أفكار بسيطة في مشكلة عويصة

غالب قنديل

المعركة التي يخوضها الرئيس حسان دياب مع فريقه الحكومي هي معركة الإنقاذ ووقف الانهيار واذا تنوعت الاجتهادات والتقييمات والاقتراحات في ما يتداول حول التوجهات الاقتصادية والمالية فالأكيد ان هذه الحكومة ورئيسها بالتحديد كسبا ثقة شعبية غير معبر عنها حتى اليوم في التعامل مع تهديد خطير مثلته جائحة كورونا ولاينتقص من النجاح المحقق في تعاملها  مع الخطر الوبائي ونتائج خطتها لمحاصرته والوقاية منه التعثر الحاصل في عدد من القضايا المعيشية والاقتصادية الحساسة حيث ترتفع الشكوى من العراقيل والإعاقات غير العفوية التي تصطدم بها محاولات المعالجة المستمرة للمشاكل الملحة وحتى مجرد التفكير في بلورة تصورات جديدة من خارج لائحة الوصفات المعتمدة منذ الطائف والتي تقابل بالتهويل.

 

اولا بصورة مبدئية ولاعتبارات وطنية واخلاقية مطلوب مساندة الرئيس حسان دياب وحكومته في وجه تنمر وفجور القوى السياسية والاقتصادية والمالية التي تربعت على هيكل النظام المنخور الذي انهار قبل أشهر واورث كارثة ربما ستكون ادهى وأشمل بنتائجها بعد جلاء الوباء الذي عطل كل شيء سوى ما يتصل باستبداد كبار التجار والوكلاء الاحتكاريين وأصحاب المصارف الذين حولوا تعاميم مصرف لبنان إلى مهزلة لا تقدم ولا تؤخر وأعطوا موافقات على خطوات لم يلتزموا بها أبدا وتنصلوا من تنفيذها في ملفات الخبز والأدوية والطلاب والمحروقات وغدا في سلع وحاجات اخرى ولم تاخذهم رأفة بشعبهم بينما ظلوا يذرفون دموع التماسيح.

ثانيا إن المساندة الشعبية تتيح تشجيع الحكومة ورئيسها على السير في خطوات جريئة وشجاعة لاغنى عنها أبدا وبكل واقعية لاحتواء الانهيار ونتائجه ولا نتحدث عن اعادة بناء الاقتصاد برؤية جديدة حتى لا يختلط الأمر على احد بل وبالذات عن أولوية معالجة الانهيار والحد من نتائجه وتأمين موارد للمالية العامة تتيح للحكومة مباشرة العمل المجدي في محاصرة النتائج الكارثية الواقعة وثمة أفكار لاينبغي ان نتهيب  من طرحها للتداول مباشرة ولالزوم للتردد في ادراجها على طاولة النقاش الجدي وليقل أتباع النهج السنيوري البائس وكل المرتهنين لقدر الخضوع للهيمنة ما شاءوا.

ثالثا استرداد حقوق الدولة وعقاراتها المسلوبة عبر إلغاء القوانين التي وهبت شركة سوليدير حق تملك مساحات شاسعة وثمينة في واجهة بيروت البحرية نتيجة ردم البحر والتنفيذ الفوري لتدابير مالية تستهدف الزام  من استملكوا الشواطيء البحرية والمشاعات العامة او استثمروها في كل انحاء لبنان والزامهم بدفع المتوجبات المستحقة من ثرواتهم المكنوزة لأمر الخزينة العامة وبالسعر المنصف تحت طائلة المصادرة والتأميم  ودراسة الاقتراحات التي يرددها بعض الخبراء بخصوص مرفأ بيروت والعقارات التي تشغلها ارصفته والتي يمكن استثمارها او تسييلها في وقت سريع.

رابعا وضع يد الدولة على استيراد المحروقات ومباشرة الإعداد لتشغيل مصفاتي الزهراني وطرابلس وانتشال هذا القطاع من يد الشركات الاحتكارية القابضة التي يجب حصر دورها في التوزيع الداخلي للمحروقات وكذلك قيام الحكومة باستيراد السلع الأساسية عبر اتفاقات تجارية مع الحكومات الأخرى في المنطقة والعالم وبميز تفضيلية لمبدأ المقايضة مع منتجات لبنانية وتطبيق هذا المبدأ في التجارة الخارجية وهو يجب ان يشمل الأدوية وسائر المستلزمات الطبية والأسمدة والأدوية الزراعية والتركيز على توسيع  مجالات الأبحاث الزراعية والصناعية وتحفيز الابتكارات اللبنانية التي تغني عن الاستيراد كما فعل وزيرر الصناعة في اجهزة التنفس الصناعي .إن من غير العلمي والمنطقي البقاء تحت رحمة شريحة تجارية احتكارية والذهاب لمراقبة الأسعار في الدكاكين والصيدليات فهذه العلة الخطيرة تعالج من رأسها أي من الكتل والشركات والوكالات الحصرية الكبرى المهيمنة على السوق والمتحكمة بقوت اللبنانيين وادويتهم .

خامسا اتخاذ خطوات عاجلة لتحريك عجلة الصناعة والزراعة والوقت لا يمهل وعجلة افنتاج تستغرق وقتا لتدور من جديد وتشرع في الإنتاج والتصدير وهذا يتطلب الاستعداد بهيكليات التمويل وبالقواعد المطلوبة لتوفير التمويل والتسهيلات المالية والضريبية ولا يمكن ان يعالج بالتاجيل والتسويف بانتظار كورونا ومن يفعل ذلك يحول مدة إقامة الوباء إلى وقت ثمين مهدور من غير طائل ويمكن استثماره في غنجاز الدراسات والمشاريع والاتصالات والاتفاقات الداخلية والخارجية ويفترض استثمار كل دقيقة من الزمن لأنها بثمن ووزيرا الصناعة والزراعة هما من الكفاءات الجيدة والدينامية في الحكومة ويحتاجان إلى مساندة ودعم في الخطوات العملية التي تجد دائما من يعمل لإعاقتها وهنا نلقي مسؤولية فعلية على الصناعيين والمزارعين وسائر الأحزاب والقوى السياسية الداعمة للحكومة المدعوة للحركة الفاعلة بدلا من الانتظار فالوقت داهم ولا يرحم بينما الانقاذ الفعلي يستدعي جسارة القرار وهده الأفكار وسواها تستحق النظر وهي بالمناسبة لاتبدل شيئا في طبيعة النظام الرأسمالي لكنها توفرمستلزمات متواضعة لبداية خجولة في التفلت من الهيمنة ووكلائها وسماسرتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى