بقلم غالب قنديل

كلمات فاصلة في عودة المغتربين

غالب قنديل

يجب ان يعلم الجهلة والمتجاهلون الذين أثاروا الكثير من محاولات التضليل المتعمدة عندما أطلق الرئيس نبيه بري موقفه الحازم في قضية المغتربين الراغبين بالعودة إلى الوطن في زمن الوباء العالمي ان رئيس المجلس النيابي كان محقا في قرع الجرس وعبر عن وجدان وطني واخلاقي في قضية حساسة وهو الخبير بآلام المغتربين وبتضحياتهم وبقوة انتمائهم إلى وطنهم الذي احبوه واخلصوا له وكانوا دائما إلى جانبه في سائر الظروف الصعبة والمحن التي عاشها.

 

 أولا نحن أبناء الجنوب اللبناني نعرف الكثيرعن حيوية ملف المغتربين في حياتنا الوطنية وفي ضمان صمود اهلنا في الجنوب قبل الاحتلال وخلاله وبعده ونعرف بالتفاصيل والأرقام والوقائع والأسماء ما فعله المغتربون في بلداتنا وقرانا الجنوبية وكيف كانوا علامة مضيئة في مبادرات فردية وجماعية تمثل نموذجا حيا للتكافل الاجتماعي فكم ساعدوا في إعمار قراهم وبلداتهم فساهموا في تجهيز مدارسها ومرافقها العامة وكم حركتهم النخوة بنبل وتواضع لمساعدة العائلات الفقيرة على تحسين مداخيلها وانتشالها من المعاناة بتوفير فرص عمل لأبنائها في مؤسساتهم التي أقاموها في الوطن او في بلدان الاغتراب  وكم من مغترب ساهم في تقديم منح التعليم والتخصص الجامعي لطلاب متفوقين وطامحين وثمة الآلاف من الأطباء والمهندسين والخبراء الذين تخرجوا في الجامعات الخارجية والمحلية على نفقة المغتربين وبفضل مساهماتهم في تمويل جمعيات اهلية وصناديق كرست جهودها السامية لهذا النوع من مبادرات دعم الوطن والمساعدة في تنميته وصموده.

ثانيا ما من مغترب من الجنوب ومن سائر المناطق اللبنانية لم يسعف أقاربه وجيرانه واهالي بلدته وقد قدموا جميعا مساهمات مباشرة في جميع القطاعات الاقتصادية وتكفلوا بخلق فرص العمل وباتت تحويلاتهم وودائعهم خلال عقود ركنا في موجودات المصارف التي تحجبها عنهم اليوم وهم استهدفوا في الخارج بالعقوبات الأميركية ولم تكن حكومة بلادهم جديرة بحمايتهم من الافتراءات ومن تهم الإرهاب بينما تطاردهم عصابات النفوذ الصهيوني في المغتربات عبر القارات لتسحق مؤسساتهم حيث تستطيع ولتجفف مواردهم المالية حتى لا تبقى لديهم القدرة على إسعاف البلد وشعبه واقتصاده المعتل الذي كانت له تحويلات المغتربين باعتراف الخبراء جميعا هي عنصر التصحيح المالي والمورد الإسعافي الأهم طيلة العقود الثلاثة الماضية في جميع الموازين المالية والاقتصادية التي أصابها الاختلال بفعل السياسات الغاشمة التي بددت كثيرا من الفرص ومنها فرصة الكنز الاغترابي.

ثالثا جميع قصائد الحرص لا قيمة لها من غير خطوات عملية مفيدة فقد برهنت كمية الاستمارات التي تمت تعبئتها في السفارات والقنصليات اللبنانية في دول الاغتراب كما صرح بعض المسؤولين على ان عشرات الآلاف راغبون في العودة إلى الوطن ولديهم ما يكفي من الاعتبارات المقنعة والمنطقية فاليوم ليست المعضلة فحسب في بلدان تشكو ضعف انظمتها الصحية بل تنهار الثقة في انظمة صحية لبلدان كان المغتربون يقصدونها ويرسلون الأقارب إليها للتداوي والاستشفاء مثل بريطانيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا والولايات المتحدة وغيرها وفي زمن الوباء المتفشي باتت اولويات تلك الأنظمة أصلا تحكمها ظروف وحاجات ضحاياه من مواطنيها على حساب المقيمين الأجانب وهو ما يصح في الدول الغربية جميعها وكذلك في بعض الدول الأفريقية وهذا ما سيعرض مواطنينا المغتربين لتمييز خطير سبق ان عبرت عنه جرائم قتل ونهب تعرض لها لبنانيون في حالات الفوضى والخضات التي شهدتها بلدان عديدة في أفريقيا واميركا اللاتينية.

رابعا الاستجابة الحكومية لهذه القضية تحققت اخيرا وخرجت بالإلحاح من فخ البطء غير المبرر بداعي الدراسة والتحضير وإن كان بعض الوقت المستقطع تفسره عقبات جدية ظهرت مثل رفض بعض الدول لدخول اطقم طبية لبنانية لإجراء الفحوص الطبية العاجلة قبل الرحلات المقررة لإعادة مغتربينا وفي تبرير استهلاك الزمن شكوى متكررة من قلة الإمكانيات ومن شح الموارد الذي نصدق كل كلمة يقولها المسؤولون حوله لكن يجب ان يتذكر جميع المسؤولين ما لهذا الملف من اهمية وطنية واخلاقية تقتضي اقصاءه عن شبهات النكران ورفض معاملته كقضية فئوية او مناطقية رغم طابعه الوطني الشامل وهو ما تلاعب به البعض بالغمز واللمز كالعادة.

خامسا سيحمل الراغبون بالعودة على نفقتهم ومن اموالهم اكلاف الرحلات المنظمة وستسهم الجاليات بإعانة المقصرين ويا ليت البلد قادر على إعفائهم جميعا من أي تبعات وهو أقل الواجب نحوهم فتمويل عودتهم  اولى واهم بكثير من نفقات كثيرة مستمرة بقوة العادة علما ان جامعة المغتربين بادرت بمجالسها وهيئاتها لتشكيل لجان طواريء بالتنسيق مع السفارات والقنصليات اللبنانية وباتت مسؤولية السلطة هي تدقيق الكلفة وردع مستغلي الفرص فلا يصح في هذا الملف تحكيم المنطق المحاسبي الشيلوكي المتوارث في نظامنا المريض بل يجب ان يضع المعنيون في اعتبارهم ان الواجب الوطني والأخلاقي يفترض بهم تدقيق كل قرش يطلب من اي مغترب دفعه من كلفة عودته إلى وطنه فهو صاحب دين في رقاب الجميع ومن المفترض بنا سداد بعضه في ظرف ضيق شديد فهؤلاء الذن باتوا أرقاما على اللوائح في صقيع المكاتب كانوا باستمرار مع وطنهم بحرارة انتمائهم في مراحل صعبة وبدون حسابات وغامروا بكل ما يستطيعون لإغاثة شعبهم في الملمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى