بقلم غالب قنديل

أيها اللبنانيون كفى عبثا بأعماركم

غالب قنديل

كل معلومة طبية ذكرها وزير الصحة الدكتور حمد حسن منذ البداية هي اليوم موضع تسليم علمي في العالم كله ترددها الجامعات ويقولها الخبراء ووزراء الصحة في شتى أصقاع العالم المهددة باجتياح الفيروس القاتل الذي سيواصل تهديده وفتكه حتى يهتدي العلماء إلى اكتشاف العلاج واللقاح المناسبين ويصبحا متاحين بعد اختبارهما لمدة كافية.

 

أولا بالطبع سيصلنا الدواء واللقاح بعد وقت غير قصير وحين تكتب لهما النجاة من براثن الاحتكارات الأميركية والأوروبية لصناعة الأدوية التي تحجب علاجات كثيرة لترفع أسعارها وتجني أرباحا فاحشة بينما هي تشتري مساحات إعلامية تدير بواسطتها حملات تسفيه وكذب ضد أي صناعة منافسة لدى الدول التي لاتخضع لسيطرة اللصوصية الغربية فالدواء الكوبي والصيني والروسي والإيراني والسوري هو موضع تشكيك دائم وخصوصا في إعلامنا وفي وعي ناسنا للأسف وطبعا لا تمتلك السلطة السياسية في بلدنا شجاعة الإقدام على التعاون مع تلك الدول لشبك صناعتنا الدوائية الناشئة ومختبراتنا المتواضعة مع ما لديها من مؤسسات ناشطة وناجحة في هذا المجال او للحصول على الكثير مما نحتاجه في ظروف حرجة خشية المنع الأميركي التي يستوطن عقولا كثيرة في مواقع المسؤولية.

ثانيا أعراف شعبنا العظيم التي يحيكها الغرب بادواته ومنصاته وعبر عملائه المتغلغلين في مسام مجتمعاتنا المنكوبة بنخبها البائسة وفي بيئة ثقافية قامت على عقيدة “الفرنجي برنجي” وهذا “الفرنجي” بمن فيه “الأم الحنون” فرنسا هو في حال أسوا مما هي عليه احوالنا كما قال بعض اللبنانيين المقيمين هناك وكما تقول الأخبار والمعلومات والفضل في هذا “التميز اللبناني” الذي عبر عنه تراجع ترتيب البلد على جداول منظمة الصحة العالمية في معدلات الإصابة يعود لحكومة انهمرت عليها السهام ولوزير تعرض لحملات ظالمة وبشعة فمن يتابع اليوم اخبار العالم يعرف ان الحجر المنزلي والامتناع عن التجول في الشوارع والطرقات والأسواق هو التدبير الفردي والعائلي المفضل للوقاية وقد اطنبت في شرح هذه الفكرة مع غيرها من مستلزمات الوقاية سائر وسائل الإعلام اللبنانية في برامجها وحواراتها.

ثالثا خرق الحجر المنزلي بات انتحارا يؤسفنا ان نجد شرائح من شعبنا تنساق إليه كل يوم بينما صار الالتزام ليلا بحظر التجول محققا بفضل تدابير الجيش وقوى الأمن في حين يطغى التفلت في النهار ويصبح مشهد حركة المرور في الظهيرة خصوصا أقرب نسبيا للأيام العادية ولم تنفع عمليات التذكير السياسي والإعلامي المتكررة حتى اليوم وهكذا يثبت بعض الناس في بلدنا باستهتار انهم ينضبطون فقط في حضرة “العصا” وليس خوفا من الخطر الوشيك الذي قد يخطف أعمارهم وعائلاتهم معهم أو نتيجة الإحساس بالمسؤولية العامة. ولردع التفلت من الحجر المنزلي قررت دول عديدة منها روسيا مؤخرا جعل العقوبة سبع سنوات حبس لكل من يخرق الالتزام بالحجر ويضبط خارج البيت. للأسف لم تردع البعض في لبنان رهبة الابتلاء والموت اختناقا الذي يتربص بهم وبأفراد عائلاتهم وبجيرانهم فتورطوا باستهتارهم في محاولة القتل الجماعي المتعمد بتعريض حياة الآخرين للخطر وهو اتهام عدلي ينبغي أن يوجه مباشرة ويتخذ المقتضى بناء عليه بحق كل من يخالف تدابير الحجر وحظر التجول.

رابعا تلك الحقيقة المرة هي من أعراض الانفصام الخطير التي تميز بعض اللبنانيين والعامل الذي يورط الكثيرين في تبرير هذا السلوك هو تأخر التدابير العملية الموعودة حكوميا لمساعدة الفقراء على الصمود حيث يخرجون بذريعة الجري خلف موارد الرزق في ظرف شديد الصعوبة والحكومة مسؤولة عن اتخاذ خطوات عاجلة دون الاعتماد الافتراضي على النخوة الاجتماعية التي لايستهان بأثرها كما بينت المؤشرات وبالذات ينبغي تعجيل مباشرة توزيع المبالغ النقدية للإعانة التي جرى التصريح عنها بإصدار القرار ونشره وإعلان آليات الدفع وكيفية منع الاحتشاد وتنظيم الحضور إلى المنافذ المعتدة لتسليم الإعانات المالية والعينية إذا تعذر على البلديات تنظيم إيصالها مباشرة إلى المساكن حفاظا على الحجر المنزلي وهو الطريق الأسلم.

بصراحة إن مشهد التفلت الجاري امام عيوننا هو أقرب إلى الانتحار الجماعي ويوحي بتوحش فعلي ينافي القيم الإنسانية والحضارية التي يتفاخر بها اللبنانيون بكل عنجهية وعلينا أن نحيي جميع الصرخات الإعلامية حتى القاسية منها آملين ان تجد بعض التجاوب وتحد من انتشار معاوني كورونا المحليين في الشوارع والطرقات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى