بقلم غالب قنديل

شلق وفساد الحجة في شيطنة المقاومة والتفاهم

غالب قنديل

نشر السيد الفضل شلق مقالا بعنوان “تحالف “المقاومة” والتيار العوني، فساد من البداية الى النهاية” تناقلته مجموعة من المواقع الإلكترونية بدا فيه وقد تطوع ليقدم اسهامه المباشر في حملة الشيطنة المكثفة لصورة حزب الله وشريكه التيار الوطني الحر في تفاهم مار مخايل مستعينا بأدوات تحليل هجينة استهلها بتعريف للفساد نسبه إلى ميكيافيللي الحاضر بقوة في مضمون المقال من خلال قاعدته الأثيرة عن “الغاية تبرر الوسيلة” وكان الأجدى لو صدر مقاله بها.

 

أولا لأن الغاية هي شيطنة المقاومة وتفاهمها مع التيار الوطني الحر الذي عقد في شباط 2006  فإن التزييف والإنكار يصاحبان ما عرضه السيد شلق من ذرائع توسلا لغايته السياسية وقد صمم منذ البداية على نزع الطابع الوطني لما بني عليه التفاهم من اهداف تتصل بتحصين المقاومة وحماية الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في وجه التهديد الصهيوني وما يحمله من اطماع في أرض لبنان وثرواته وهو تهديد ما يزال مستمرا وقائما تتكرر شواهده اليومية في تصريحات قادة العدو ومناوراته الحربية واعتداءاته المتواصلة والقول ان المصالح الخاصة بالطرفين قادتهما إلى التفاهم دون اعتبار للصالح العام هو اول الافتراءات التي يبني عليها الكاتب منظومة استنتاجات واتهامات تحكم سياق المقال وهي قاعدة اتهامه للشريكين في تفاهم مارمخايل بالفساد.

ثانيا  الفقرة الأهم والأوضح في مقال السيد شلق:”اجتمعوا وفي الأساس وكان الاجتماع من أجل فكرة المقاومة. ولم يدركوا أنها أصبحت فاسدة. تجاهلوا في ذلك ان هزيمة اسرائيل لا تتأتى إلا عن طريق الدولة لا عن طريق حرب دفاعية. حرب حزيران 2006 ستكون هي الأخيرة. خط 1701 وُضِعَ للحد من الاشتباكات. منذ 2006 لم يحدث خرق لخط 1701. وكأن الاتفاق وتطبيقه الدائم دون خروقات يشي بأن فكرة المقاومة لم يعد لها لزوم، وأنها تستخدم في الداخل لأسباب غير مفهومة.” وهو لم يقل لنا كيف فسدت فكرة المقاومة وصارت لالزوم لها بدون أن يبرهن على انتفاء الخطر الصهيوني.

طبعا نتجاوز عن خطأ في تاريخ الحرب فهي حرب تموز (ليست حرب حزيران ) وكذلك عن الزعم بأن فكرة المقاومة باتت تستخدم في الداخل فمن يتخيل مقاومة دون منظومة سياسية تعبوية حول فكرة المقاومة ولحماية وجودها ودورها الدفاعي ؟! أما عن استنتاج الكاتب  ان هزيمة إسرائيل لاتتأتى إلا عن طريق الدولة فهو مسلمة يعرضها ويمليها على القاريء من غير البرهنة على صحتها هذا ناهيك عن ان كلامه وسواه أصلا عن دولة في لبنان الراهن هو زعم افتراضي فالدولة اللبنانية المتخيلة منذ الانتداب لم تكن سوى هيكل مخلع لنظام سياسي خاضع للهيمنة والوصاية يحكمه التقاسم والتحاص الطائفي السياسي الريعي وقد نجد في ما سطره الكاتب قبل عقود معالجات كثيرة لهذه الفكرة وفي البرهنة عليها.

الدولة اللبنانية المتخلية كانت قبل اتفاق الطائف خاضعة تابعة تبيح الوطن الصغير للعدوان الصهيوني وهي توجت استسلامها باتفاق 17 أيار وعملت لمحاصرة المقاومة والتخلص منها وبعد الطائف تكيفت مع معادلات الشراكة بين الجيش والمقاومة في الدفاع عن لبنان تحت تأثير الدور السوري والرعاية السورية التي أفشلت تآمر أجنحة في الحكم على المقاومة غير مرة.

ثالثا إن انتصار المقاومة في حرب تموز من خلال ردعها للعدوان الصهيوني وإجبارها للعدو على التسليم بهزيمته امامها في تقرير فينوغراد الشهير كان حصيلة سياسية وميدانية لمعادلات سياسية وشعبية كان في صلبها تفاهم المقاومة مع التيار الوطني الحر والمعادلة التي حكمت الصراع بين المقاومة والعدو بعد الحرب هي توازن انشاته قوة الردع التي امتلكتها المقاومة وراكمتها في عمل لم ينقطع وهو يتواصل ويرفع كلفة المغامرة على الكيان الصهيوني الذي تعترف هياكله القيادية ومراكز التخطيط الاستراتيجي والعسكري لديه بدينامية تراكم قوة الردع القاهرة التي تمنع الكيان الصهيوني من شن أي اعتداء على لبنان منذ منتصف آب 2006 وآخر الكوابيس هي الصواريخ الدقيقة التي تؤرق واشنطن وتل أبيب وتعتبر خطرا وجوديا على الكيان الغاصب والسيد الكاتب لايعطي بالا لكل ذلك!!.

إن ما حققه التفاهم خلال الحرب وبعدها بفضل الخيارالوطني الصلب للعماد ميشال عون هو حصيلة عززت مناعة لبنان في وجه العربدة الصهيونية ومن الافتئات والظلم نسبة هذا التحول الكبير وطنيا في الموقفين السياسي والشعبي إلى الطموحات الرئاسية بهدف تشويه الحافز المبدئي وفي خدمة الشيطنة.

رابعا إن فكرة بناء دولة وطنية على أنقاض نظام المحاصة الريعية التابع للهيمنة تفترض العودة بالسيد شلق إلى حقيقة التناقض الرئيسي الذي يحكم البلدان العربية وقواها التحررية بوحدة النضال ضد منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وهذا ما يمثل خلفية  قرار المقاومة بالمشاركة في ملحمة الدفاع عن سورية في وجه الحرب الأميركية الصهيونية الرجعية التي تستهدف إخضاعها وكسر إرادتها التحررية.

كانت المقاومة بانتقالها إلى المشاركة في الدفاع عن سورية بمثابة طليعة قومية تحررية مقاتلة في وجه الغزوة الاستعمارية التي تستهدف المنطقة بما فيها لبنان ومن المؤسف أن يكون السيد شلق منحازا إلى الثورة السورية المزعومة التي آلت إلى داعش والقاعدة وزمرة الأخوان بعدما تهاوت المنصات والاقنعة التي تلبستها بيافطة المعارضة السورية تحت الإشراف الأميركي وبالتمويل الخليجي ويتجاهل انكشاف الدور الصهيوني المركزي في الدعم اللوجستي والاستخباراتي لهذه العصابات على تخوم الجولان المحتل.

 خامسا يسجل التاريخ للمقاومة وللتفاهم الذي عقدته مع التيار الوطني الحر ولجميع تحالفاتها العابرة للطوائف والمناطق دورها النوعي ( الدفاعي طبعا ) في شل العدوانية الصهيونية الأميركية المستمرة وكذلك في حماية شعبها وبلدها من مخاطر وتداعيات غزوة التكفير الكبرى وللتذكير فإن تصفية معاقل التكفير كانت اولى نتائج انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية بينما  تعاون مع خطة الغزو التكفيري للبنان  جناح سياسي لبناني هو حلف الرابع عشر من آذار فيسر لها جميع امورها العسكرية والمالية والإعلامية وقد حظيت اوكار الإرهاب المحمية سياسيا بمظلة وارفة من التساهل في عهد الرئيس ميشال سليمان وهي لم تكن سوى أدوات حرب استعمارية بالوكالة ضمن قاعدة “القيادة من الخلف” التي اعتمدتها الإمبراطورية الأميركية بعد تعثر حروب الغزو والاحتلال في العراق وأفغانستان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى